والترمذيّ، وابن ماجة عن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر - أو - أمير جائر"، وهو حديث
صحيح.
وأخرج النسائيّ عن طارق بن شهاب، أن رجلًا سأل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد
وضع رجله في الْغَرْز: أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: "كلمة حق عند سلطان جائر"،
والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:
[6635] ( ... ) - (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: مَرَّ هِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ، مِنَ الأَنْبَاطِ بِالشَّامِ،
قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُهُمْ؛ قَالُوَا: حُبِسُوا فِي الْجِزْيَةِ، فَقَالَ هِشَامٌ:
أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي
الدُّنْيَا").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وكلّهم ذُكروا في الباب، وقبل باب، و"أبو كريب" هو: محمد بن
العلاء، و"أبو أُسامة" هو: حمّاد بن أُسامة.
وقوله: (مِنَ الأَنْبَاطِ بِالشَّامِ) بفتح الهمزة: هم فلّاحو المعجم، قاله
النوويّ - رَحِمَهُ اللهَ -، وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: النَّبَطُ: جِيل من الناس، كانوا ينزلون سَوَاد
العراق، ثم استُعمل في أخلاط الناس، وعوامّهم، والجمع: أَنْبَاطٌ، مثل سَبَبٍ
وأسباب، الواحد نُبَاطِيٌّ بزيادة ألف، والنونُ تُضَمّ، وتُفتح، قال الليث: ورجل
نَبَطِيٌّ، ومنعه ابن الأعرابيّ، واسْتَنْبَطْتُ الحكمَ: استخرجتُه بالاجتهاد، وأَنْبَطْتُهُ
إِنْبَاطًا مثله، وأصله من اسْتَنْبَطَ الحافرُ الماءَ، وأَنْبَطَهُ إِنْبَاطًا: إذا استخرجه
بعمله. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهَ -: "الأنباط": جمع نَبَط، وهم قوم ينزلون بالبطائح بين
العراقَيْن، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم يَنبِطون الماء؛ أي: يحفرون عليه، حتى يخرج