صورته في غاية البعد، لا سيما وقوله: "وإذا قاتل أحدكم .. وإذا ضرب
أحدكم" عام في كلّ مضروب، والله خلق آدم على صُوَرهم جميعهم، فلا معنى
لإفراد الضمير، وكذلك قوله: "لا يقولن أحدكم: قبّح الله وجهك ووجه من
أشبه وجهك" عام في كلّ مخاطب، والله قد خلقهم كلهم على صورة آدم.
* ومنها: أن ذرية آدم خُلقوا على صورة آدم، لَمْ يخلق آدم على
صُوَرهم، فإن مثل هذا الخطاب إنما يقال فيه: خلق الثاني المتأخر في الوجود
على صورة الأول المتقدم وجوده، لا يقال؛ إنه خلق الأول على صورة الثاني
المتأخر في الوجود، حما يقال: خلق الخلق على غير مثال أو نسيج هذا على
منوال هذا.
* ومنها: أنه إذا أُريدَ مجرد المشابهة لآدم وذريته لَمْ يَحْتَجْ إلى لفظ خلق
على كذا، فإنّ هذه العبارة إنما تُستعمل فيما فُطِر على مثال غيره، بل يقال: إن
وجهه يشبه وجه آدم، أو فإن صورته تُشْبه صورة آدم.
* ومنها: أنه لو كانت علة النهي عن شتم الوجه وتقبيحه أنه يشبه وجه
آدم لنهى أيضًا عن الشتم والتقبيح وسائر الأعضاء، لا يقولن أحدكم: قطع الله
يدك ويد من أشبه يدك ... إلخ ما ذكره (?).
[القول الثاني]: أن الضمير يعود إلى آدم.
وهو مرويّ عن أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، ذكره القاضي أبو
الحسين في طبقات الحنابلة في ترجمة محمد بن علي الجرجاني، المعروف
بحمدان أنه قال: سألت أبا ثور عن قول النبيّ: "إن الله خلق آدم على
صورته"، فقال: على صورة آدم (?).
ونقله الإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة، كما في "بيان التلبيس"
لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وذكره البيهقيّ في "الأسماء والصفات" عن أبي سليمان الخطابيّ،
وأقرَّه (?).