رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (حَفْصٌ) هو ابن غياث المذكور قبل حديث.
2 - (ابْنُ عَبَّاس) (هو عبد الله الحبر البحر - رضي الله عنهما - تقدّم تقدم في "الإيمان" 6/ 124.
والباقون تقدّموا في السند الماضي، وعَبْدُ الْمَلِكِ: هو ابن أبي سليمان الْعَرْزَميّ.
وقوله: (رَآهُ بِقَلْبِهِ) وفي الرواية التالية: "رآه بفؤاده مرّتين".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -: من أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ربه سبحانه وتعالى بقلبه، هو الذي صحّ عنه، وعن غيره من الصحابة - رضي الله عنهم -، وأما ما يُعزى إليه من أنه قال: إنه رآه بعينه، أو بعين رأسه، أو ببصره، فلم يثبت عنه بسند صحيح، وإنما قاله بعض الرواة مفَسِّرًا لما وقع في بعض رواياته أنه قال: رأى ربه من غير تقييد بالفؤاد، والحقّ أن يُحْمَل ما أطلقه على ما قيّده، فتتفق الروايتان على معنى واحد.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" بعد إيراده رواية المصنّف هذه ما نصّه: وكذا رواه سماك عن عكرمة، عن ابن عبّاس مثله، وكذا قال أبو صالح، والسُّدّيّ، وغيرهما: إنه رآه بفؤاده مرتين، وقد خالفه ابن مسعود وغيره، وفي رواية عنه: أنه أطلق الرؤية، وهي محمولة على المقيَّدة بالفؤاد، ومن رَوَى عنه بالبَصَر، فقد أغرب، فإنه لا يصحّ في ذلك شيء عن الصحابة - رضي الله عنهم -؛ وقول البغويّ في "تفسيره": وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه، وهو قول أنس، والحسن، وعكرمة فيه نظرٌ. انتهى كلام ابن كثير رحمه الله (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أنه قد تبيّن بما سبق أنه لم يثبت بسند صحيح عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - أنه قال: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى ربّه ببصره، وإنما صحّ عنهم قولهم: رأى ربّه، بالإطلاق، أو رأى ربّه بقلبه، أو بفؤاده بالتقييد، فتنبّه لهذا المهمّ، فقد اشتهر في كتب المتأخّرين نسبة هذا القول إلى الصحابة - رضي الله عنهم - غلطًا منهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.