شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) في تفسير قوله عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} [النجم: 13] قَالَ (أبو هريرة - رضي الله عنه - (رَأَى جِبْرِيلَ) عليه السلام، يعني أن المراد بالمرئيّ هنا هو جبريل عليه السلام، فهو كتفسير ابن مسعود - رضي الله عنه - السابق.
قال النوويّ رحمه الله: وهكذا قاله أيضًا أكثر العلماء، قال الواحديّ: قال أكثر العلماء: المراد: رأى جبريل عليه السلام في صورته التي خلقه الله تعالى عليها، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: رأى ربه سبحانه وتعالى، وعلى هذا معنى: {نَزْلَةً أُخْرَى} ويعود إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت له عَرَجاتٌ في تلك الليلة لاستحطاط عدد الصلوات، فكلُّ عَرْجة نَزْلَةٌ. انتهى.
وقال أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله: قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)}: {نَزْلَةً} ومصدر في موضع الحال، كأنه قال: ولقد رآه نازلًا نزلةً أخرى، قال ابن عباس: رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه مرة أخرى بقلبه، روى مسلم، عن أبي العالية، عنه قال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} [النجم: 11 - 13]، قال: "رآه بفؤاده مرتين"، فقوله: {نَزْلَةً أُخْرَى} يعود إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان له صعودٌ ونزول مرارًا بحسب أعداد الصلوات المفروضة، فلكل عَرْجةٍ نَزْلةٌ، وعلى هذا قوله تعالى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)} [النجم: 14] أي: ومحمد - صلى الله عليه وسلم - عند سدرة المنتهى، وفي بعض تلك النزلات.
وقال ابن مسعود وأبو هريرة - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} إنه جبريل عليه السلام، ثَبَتَ هذا أيضا في "صحيح مسلم"، وقال ابن مسعود: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُ جبريل بالأفق الأعلى، له ستمائة جناح، يُنثر من ريشه التهاويل (?) الدّرّ والياقوت" (?)، ذكره المهدويّ. انتهى كلام