وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "ألا أنبئكم ما العضه؟ " هكذا أذكر أني قرأته
بفتح العين، وإسكان الضاد، والهاء، وهذا عند الجيّانيّ، وهو مصدر عَضَهه
يَعْضَهه عَضْهًا: إذا رماه بكذب، وبهتان، وقد رواه أكثر الشيوخ: "ما
الْعِضَةُ"- بكسر العين، وفتح الضاد، والتاء المنقلبة في الوقف هاءً، وهي
أصوب-؛ لأنَّ العِضَة اسم، والنميمة اسم، فصحّ تفسير الاسم بالاسم،
والعَضْهُ مصدرٌ، ولا يَحْسُن تفسير المصدر بالاسم، فالرواية الثانية أَولى،
والذي يبيِّن لك أن الْعِضَةَ اسم ما قاله الكسائيّ، قال: العضه: الكذب،
والبهتان، وجَمْعها عِضُون، مثل عِزَة وعِزين، وقد بيّنا أن الْعَضْهَ: المصدرُ،
فصحّ ما قلناه، وقد تقدَّم القول في حُكم ذي الوجهين، والنمّام، وقد فسَّر
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - العضه بالنميمة؛ لأنَّ النميمة لا تنفكّ عن الكذب، والبهتان غالبًا.
انتهى (?).
وأما قوله: (وَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا،
وَيَكْذِبُ حَتى يُكْتَبَ كَذَّابًا") فسيأتي شرحه في الباب التالي- إن شاء الله
تعالى-.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [28/ 6613] (2606)، و (أحمد) في "مسنده"
(1/ 430 و 437)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (9/ 245)، و (ابن أبي الدنيا) في
"الصمت" (1/ 154 و 251)، و (البيهقىّ) في "الكبرى" (10/ 246) و"شُعب
الإيمان" (7/ 493)، والله تعالى أعلم.