وهو شكّ عَرَض لبعض الرواة، وأصله أن من ساوى آخر في سنّه كان قَرنُ
رأسه محاذيًا لقرنه، وقرن الرأس: جانبه الأعلى، وهذا يدلّ على أن إجابة
دعوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت معلومة بالمشاهدة عند كبارهم وصغارهم؛ لكثرة
ما كانوا يشاهدون من ذلك، ولعِلمهم بمكانت - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (?).
وقال الأبيّ رحمه الله: السنّ والقرن- بفتح القاف- واحد، يقال: سنّه، وقرنه
مماثِلُه في العمر، فكأنه قال لها: لا طال عمرك؛ لأنه إذا طال عمرها طال
عُمُر أصل قرنها. انتهى (?).
وقال النوويّ رحمه الله: قولها: "قَرْني" بفتح القاف، وهو نظيرها في العمر،
قال القاضي: معناه: لا يطول عمرها؛ لأنه إذا طال عمرها طال عُمُر قرنها.
وتعقّبه النووي، قائلًا: وهذا الذي قاله فيه نظرٌ؛ لأنه لا يلزم من طول
عُمُر أحد القرنين طول عُمُر الآخر، فقد يكون سنّهما واحدًا، ويموت أحدهما
قبل الآخر.
قال: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لها: "لا كبر سنك"، فلم يُرِد به حقيقة الدعاء، بل
هو جارٍ على ما قدّمناه في ألفاظ هذا الباب. انتهى (?).
(فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ) - رضي الله عنهما - حال كونها (مُسْتَعْجِلَةً، تَلُوثُ خِمَارَهَا)؛ أي:
تديره على رأسها، وعُنُقها، فذهبت (حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهَا
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ ")؛ أي: أيّ شيء حَمَلك على أن جئت
الآن؟ (فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي؟ ) بعدم كبر سنّها، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -:
("وَمَا ذَاكِ) بكسر الكاف (يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ "، قَالَتْ: زَعَمَتْ)؛ أي: قالت اليتيمة
(أَنَّكَ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها مفعولًا به لـ "زعمت"، (دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا،
أَوْ لَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا) وفي بعض النسخ: "ولا يكبر" بالواو، والأول أَولى. (قَالَ)
أنس - رضي الله عنه - (فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) تعجّبًا من خوف أم سلمة - رضي الله عنها - من قبول
دعائه - صلى الله عليه وسلم - على يتيمتها، (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (يَا أُمَّ سُلَيْمِ أَمَا) بفتح الهمزة، وهي
للاستفهام، و"ما" نافية؛ أي: ألست (تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي) الجارّ