شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ) وفي رواية: "اللَّهُمَّ إني اتخذت عندك عهدًا، لن تُخلفنيه، فأيما مؤمن
سببته، أو جلدته، فاجعل ذلك كفارةً له يوم القيامة"، وفي رواية: "اللَّهُمَّ إنما
أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته، أو لعنته، أو جلدته، فاجعله له
زكاةً، ورحمة"، وفي رواية: "فأيّ المؤمنين آذيته، شتمته، لعنته، جلدته،
فاجعلها له صلاةً، وزكاة، وقربةً تُقرّبه بها إليك يوم القيامة"، وفي رواية:
"اللَّهُمَّ إنما محمد بشر، يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك
عهدًا ... " الحديث، وفيه: "فأيما مؤمن آذيته"، والباقي بمعناه بلفظ "أو" (?).
(فَأَيُّمَا رَجُلٍ) وفي الرواية الآتية: "فأيّ المؤمنين"، والفاء جواب الشرط
المحذوف؛ لدلالة السياق عليه؛ أي: إن كنت سببت، أو لعنت، أو جلدت،
فأيما رجل ... إلخ، وقوله: (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) بيان لـ "أيّما رجل"، (سَبَبْتُهُ، أَوْ
لَعَنْتُهُ، أَوْ جَلَدْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً) منصوب على أنَّه مفعول ثان لـ "اجعل"؛ أي:
طهارةً، وقيل: نُمُوًّا في الجَنَّة، وقيل: صلاحأ، قاله في "العمدة" (?).
وقال في "المشارق": زكاةً؛ أي: تطهيرًا وكفارةً، كما قال تعالى:
{تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: 103]، وكذلك قوله: "أنت خير من زكّاها"؛ أي:
طهَّرها، وهو أحد معاني الزكاة للمال، أنه طُهْرته، وقيل: طُهرة صاحبه،
وقيل: سبب نمائه، وزيادته، والزكاة: النماء، وقيل: تزكية صا حبه، ودليل
إيمانه، وزكاتِهِ عند الله تعالي، وفي التشهد: "الزاكيات لله"؛ أي: الأعمال
الصالحة لله. انتهى (?).
(وَرَحْمَةً") بالنصب عطفًا على "زكاةً".
قال في "العمدة": قيل: إذا كان مستحقًّا للسبّ لَمْ يكن قربة له.
وأجيب بأن المراد به: غير المستحقّ له، بدليل الروايات الأُخَر الدّالة
عليه كذا قاله الكرمانيّ. انتهى (?).