الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)} [إبراهيم: 28، 29]،
وقال تعالى في صفة القرآن: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}
[فصلت: 44] ثم أورد حديث مسلم هذا، ثم قال: وفي الحديث الآخر: "إنما
أنا رحمة مهداةٌ".
[فإن قيل]: فأيّ رحمة حصلت لمن كفر به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ .
[فالجواب]: ما رواه أبو جعفر بن جرير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} قال: من آمن بالله واليوم الآخر كُتب له
الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لَمْ يؤمن بالله ورسوله عوفي مما أصاب الأمم
من الخسف، والقذف. انتهى كلام ابن كثير باختصار (?).
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(25) - (بَابٌ مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سَبَّهُ، أَوْ دَعَا عَلَيْهِ،
وَلَيْسَ هُوَ أَهْلًا لِذَلِكَ، كَانَ لَهُ زَكَاةً، وَأَجْرًا، وَرَحْمَةً)
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:
[6591] (2600) - (حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي الضُّحَي، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
رَجُلَانِ، فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَصَابَ (?) مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: "وَمَا
ذَاكِ؟ "، قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا، وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: "أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ
رَبِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أنا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً،
وَأَجْرًا").