شرح الحديث:

(عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) - رضي الله عنهما -؛ أنه (قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ

أَسْفَارِه) قال صاحب "التنبيه": لا أعرف السَّفرة، ولا المرأة. انتهى (?). (وَامْرَأَةٌ

مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ) هي الأنثى من الإبل، قال أبو عبيدة: ولا تُسمى ناقةً

حتى تُجذِعَ، والجمع: أينُقٌ بالقلب المكانيّ، ونوقٌ، ونِياق (?). (فَضَجِرَتْ)

بفتح الضاد المعجمة، وكسر الجيم، يقال: ضَجِر منه، وبه؛ كفَرِحَ، وتضجّر:

تبرّم، فهو ضَجِرٌ، قاله المجد - رَحِمَهُ اللهُ - (?). (فَلَعَنَتْهَا) وفي حديث أبي بَرْزة الأسلميّ

الآتي: "قال: بينما جارية على ناقة، عليها بعض متاع القومِ، إذ بَصُرت

بالنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتضايق بهم الجبل، فقالت: حَلْ، اللَّهُمَّ العنها"، (فسَمِعَ ذَلِكَ)؛

أي: لَعْن المرأة للناقة، (رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("خُذُوا مَا عَلَيْهَا) من

المتاع، والمرأة، (وَدَعُوهَا)؛ أي: اتركوها تمشي بلا حَمْل شيء عليها، وفي

الرواية التالية: "فقال: خذوا ما عليها، وأعْرُوها"، وفي رواية أبي داود:

"ضعوا عنها"؛ أي: ضَعُوا رحالها، وأعروها؛ لئلا تُركَب، وزعم بعض أهل

العلم أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أمَرَهم بذلك فيها؛ لأنه قد استُجيب لها الدعاء عليها

باللعن، واستَدَلّ على ذلك بقوله: "فإنها ملعونة"، وقد يَحْتَمِل أن يكون إنما

فَعَل عقوبة لصاحبتها؛ لئلا تعود إلى مثل قولها. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه هذا الاحتمال الأخير هو الصواب؛ والأول لا

دليل عليه، فتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

قال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: قيل: إنما فَعَل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك؛ لأنه استجيب دعاؤها

فيها، وقيل: فَعَله عقوبةً لصاحبتها؛ لئلا تعود إلى مثلها، وليَعْتَبِر بها غيرها،

وأصل اللعن: الطردُ والإبعاد من الله، ومن الخَلْق: السبّ والدعاء. انتهى (?).

(فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ")؛ أي: لكونها ملعونةً، فلا ينبغي الحمل، ولا الركوب

عليه، وهذا معاقبة لصاحبتها. (قَالَ عِمْرَانُ) بن حُصين - رضي الله عنهما - (فَكَأَنِّي أَرَاهَا الآنَ)؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015