(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [23/ 6578] (2593)، و (ابن حبّان) في
"صحيحه" (552)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (10/ 193)، و (الطبرانيّ) في
"الصغير" (1/ 262)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (3492)، و (ابن عساكر) في
"تاريخ دمشق" (63/ 43)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان فضل الرفق، والحثّ على التخلق، وذمّ العنف، والرفق
سبب كلّ خير.
وقال وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه الحثّ على الرفق، والصبر، والحلم،
وملاطفة الناس ما لَمْ تَدْع حاجة إلى المخاشنة.
2 - (ومنها): بيان عظيم خُلُق النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكمال حِلمه، وذلك أن سبب
هذا الحديث أن قومأ من اليهود دخلوا على النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالوا: السام عليك،
فسمعت عائشة - رضي الله عنها - ذلك منهم، فقالت: بل عليكم السام، واللعنة، فقال: "يا
عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ... " الحديث.
3 - (ومنها): بيان تسمية الله - عَزَّوَجَلَّ -، ووَصْفه بالرفيق، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
قد تقرّر في غير موضع: أن العلماء اختلفوا في أسماء الله تعالي، هل الأصل
فيها التوقيف، فلا يسمّى إلَّا بما سمّى به نفسه في كتابه، أو على لسان
رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو بإجماع عليه؟ ، أو الأصل جواز تسميته تعالى بكل اسمٍ حسنٍ،
إلَّا أن يمنع منه مانع شرعيّ؟ الأول لأبي الحسن الأشعريّ، والثاني للقاضي
أبي بكر، ومثار الخلاف: هل الألف واللام في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الآية [الأعراف: 180]، للجنس، أو للعهد؟ ثم إذا تنزّلنا على
رأي الشيخ أبي الحسن، هل نقتبس أسماءه تعالى من أخبار الآحاد، أو لا؟
اختَلَف المتأخرون من الأشعرية، في ذلك على قولين، والصحيح قبول أخبار
الآحاد في ذلك؛ لأنَّ إطلاق الأسماء على الله تعالى حكم شرعيّ عمليّ،
فيُكْتَفى فيه بخبر الواحد، والظواهر؛ كسائر الإحكام العملية.
فأما معنى الاسم، فإن شَهِد باتصاف الحقّ به قاطعٌ عقليّ، أو سمعيّ
وجب قبوله، وعلمه، وإلا لَمْ يَجِب.