وقال في "الفتح": قوله: "بالسهر، والْحُمَّى": أما السهر فلأن الألم يمنع
النوم، وأما الْحُمّى، فلأن فَقْد النوم يُثيرها، وقد عَرَّف أهل الْحِذْق الْحُمّى
بأنها حرارة غريزيّة تشتعل في القلب، فتَشُبّ منه في جميع البدن، فتشتعل
اشتعالًا يضرّ بالأفعال الطبيعية (?).
قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: فتشبيهه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل
صحيحٌ، وفيه تقريب للفهم، وإظهار للمعاني في الصور المرئية، وفيه تعظيم
حقوق المسلمين، والحضّ على تعاونهم، وملاطفة بعضهم بعضًا. انتهى (?).
وقال ابن أبي جمرة: شبَّه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بالجسد، وأهله بالأعضاء؛
لأن الإيمان أصلٌ، وفروعه التكاليف، فإذا أَخَلّ المرء بشيء من التكاليف شَانَ
ذلك الإخلالُ الأصلَ، وكذلك الجسد أصل كالشجرة، وأعضاؤه كالأغصان،
فإذا اشتكى عضوٌ من الأعضاء، اشتكت الأعضاء كلُّها كالشجرة، إذا ضُرِب
غصنٌ من أغصانها اهتزّت الأغصان كلّها بالتحرك والاضطراب. انتهى (?)، والله
تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [17/ 6563 و 6564 و 6565 و 6566 و 6567]
(2586)، و (البخاريّ) في "الأدب" (6011)، و (ابن المبارك) في "مسنده" (1/
9) وفي "الزهد" (1/ 252)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 268 و 270 و 271
و274 و 276)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 89)، و (الحميديّ) في
"مسنده" (919)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (790)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"
(233 و 297)، و (ابن منده) في "الإيمان" (1/ 455 و 456)، و (القضاعيّ) في
"مسند الشهاب" (1366 و 1368)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (3/ 353) و"شُعب