في مقاتلته، ودحض باطله، وفي رواية الشعبيّ عن أبي هريرة التالية: "هم أشدّ
الناس قتالًا في الملاحم"، وهي أعمّ من رواية أبي زرعة هذه، ويمكن أن
يُحْمَل العامّ في ذلك على الخاصّ، فيكون المراد بالملاحم: أكبرها، وهو قتال
الدجال، أو ذَكَر الدجال ليدخل غيره بطريق الأَولى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "هم أشد أمتي على الدجال" تصريح بأن بني
تميم لا ينقطع نَسْلهم إلى يوم القيامة، وبأنهم يتمسكون في ذلك الوقت بالحقّ،
ويقاتلون عليه، وفي الرواية الأخرى: "هم أشد الناس قتالًا في الملاحم"؛
يعني: الملاحم التي تكون بين يدي الدجال، أو مع الدجال، والله تعالى
أعلم. انتهى (?).
(قَال) أبو هريرة: (وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ)؛ أي: صدقات بني تميم إلى
النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ووقع عند الطبرانيّ في "الأوسط" من طريق الشعبيّ، عن أبي هريرة
في هذا الحديث: "وأُتي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بنَعَم من صدقة بني سعد، فلما راعه حُسْنها
قال: هذه صدقة قومي". انتهى، وبنو سعد بطن كبير شهير من تميم، يُنسبون
إلى سعد بن زيد مناة بن تميم، من أشهرهم في الصحابة: قيس بن عاصم بن
سنان بن خالد السعديّ، قال فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "هذا سيد أهل الْوَبَر" (?).
(فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا" فأضافهم إلى نفسه، ففيه غاية
التشريف والتكريم.
وقال في "الفتح": إنما نسبهم - صلى الله عليه وسلم - إليه؛ لاجتماع نسبهم بنسبه - صلى الله عليه وسلم - في
إلياس بن مضر. (قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ) - بفتح السين المهملة، وكسر الموحّدة،
وتشديد التحتانية، وتخفيفها، ثم همزة- أي: جارية مَسبيّة، فَعِيلة بمعنى
مفعولة.
(مِنْهُمْ)؛ أي: من بني تميم، وللبخاريّ: "فيهم"؛ أي: في بني تميم،
والمراد: بطن منهم، وقد وقع عند الإسماعيليّ من طريق أبي معمر، عن جرير: