وقال القاضي عياض رحمه الله في "المشارق": قوله: "مواليّ دون الناس،
وليس لهم مولى دون الله ورسوله"؛ أي: أوليائي المختصون بي، وهذا مثل
الحديث الآخر: "من كنت مولاه فعليّ مولاه": أي: وليّه، وهذا مثل قوله
تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)} [محمد: 11]:
أي: لا وليَّ، ويَحْتَمِل: لا ناصر لهم، وقيل: الوليّ هنا: القائم بأمورهم
الكافل لهم، وقد قيل: معناه: أن الخلق كلهم مِلك لله تعالى، ثم يوالي
تعالى، ويعادي من يشاء، واختصاص تلك القبائل بولاية الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
دون المسلمين: إما لأنهم لم تكن لهم حلفاء من العرب كما كان لغيرهم، أو
لأنهم أسلموا أوّلًا، وفارقوا أصول قبائلهم، وعادَوهم، فوالاهم الله، وشرّفهم
بذلك، وقد يكون تخصيصًا لهم وَسِمَة، كما قيلَ للأنصار: أنصار، وإن كان قد
نَصَر غيرهم.
وفي رواية الجرجانيّ: "موالٍ" بغير ياء النسب، كأنه قال: أنصار الله،
وأولياء الله، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، والأول أظهر، والله أعلم بمراد نبيّه - صلى الله عليه وسلم - (?).
(وَاللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ")؛ أي: وليّهم، والمتكفّل بهم، وبمصالحهم،
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "مولاهم" كذا الرواية بتوحيد "مولاهم"، وهذا نحو
قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، فوحَّد الضمير؛ لأنه
عائد على الله تعالى، ورَفع رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالابتداء، وخبر مُضْمَر تقديره: والله
أحقّ أن يرضوه، ورسوله كذلك، وعلى هذا: فتقدير الحديث: والله مولاهم،
ورسوله كذلك. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي أيّوب الأنصاريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [47/ 6417] (2519)، و (الترمذيّ) في