أخرجا له منها في "الصحيحين" سبعة، ذكره القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وأما صُهيب - رضي الله عنه -: فهو ابنُ سنان بن خالد بن عبد عمرو - من العرب -
ابن النمر بن قاسط، كان أبوه عاملًا لكسرى على الأُبُلَّة، وكانت منازلُهم
بأرض الموصل في قرية على شطِّ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل،
فأغارت الروم على تلك الناحية فسبتْ صُهيبًا، وهو غلام صغير، فنشأ صهيب
بالروم، فصار ألكن، فابتاعته منه كلب، ثم قدمتْ به مكة، فاشتراه عبد الله بن
جُدعان، فأعتقه، فأقام بمكة حتى هلك ابن جُدعان، وبُعِث النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأسلم
هو وعمار بن ياسر في يوم واحدٍ بعد بضعة وثلاثين رجلًا، فلما هاجر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلى المدينة لَحِقه صُهيب، فقالت له قريش حين خرج يريدُ الهجرة: أتفجعنا
بنفسك ومالك؟ فدلَّهم على ماله، فتركوه، فلما رآه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: "ربح
البيعُ أبا يحيى"، فأنزل الله - عَزَّوَجَلَّ -، في أمره: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207].
وروي عنه أنه قال: صحبتُ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يُوحى إليه.
ورُوي عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الَآخر فليحبَّ
صهيبًا حُبَّ الوالدة ولدَها" (?).
وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صهيب سابقُ الروم، وسلمان سابقُ فارس، وبلال سابقُ
الحبشة" (?).
وإنما نسبه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للروم؛ لِمَا ذُكر أنه نشأ فيهم صغيرًا، وتلقَّف
لسانهم. وقد تقدَّم ذِكرُ نسبه.
وقال له عمر: ما لك يا صهيب تُكنى أبا يحيي، وليس لك ولد، وتزعم
أنك من العرب، وتطعم الطعام الكثير، وذلك سرف؟ فقال: إن رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كنَّاني بأبي يحيي، وإني من النمر بن قاسط من أنفسهم، ولكني سُبيت صغيرًا