فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت بناتي، قالت: ورأى فيها فرسًا مربوطًا له
جناكان، فقال: ما هذا؟ قلت: فرس، قال: فرس له جناحان؟ قلت: ألم
تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة، فضحك"، فهذا صريح في أن المراد
باللُّعَب غير الآدميات.
قال الخطابيّ: في هذا الحديث أن اللَّعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر
الصور التي جاء فيها الوعيد، وإنما أرخص لعائشة فيها؛ لأنها إذ ذاك كانت
غير بالغ.
قال الحافظ: وفي الجزم به نظر، لكنه مُحْتَمِلٌ؛ لأن عائشة كانت في
غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة، إما أكملتها، أو جاوزتها، أو قاربتها، وأما
في غزوة تبوك، فكانت قد بلغت قطعًا، فيترجح رواية من قال: في خيبر،
ويُجْمَع بما قال الخطابيّ؛ لأن ذلك أَولى من التعارض. انتهى الحافظ -رحمه الله- (?)،
وهو بحث مفيد.
خلاصته: أن الحديث يدلّ على الترخيص للبنات قبل البلوغ أن يلعبن
بالبنات؛ لتدريبهنّ على تربية أولادهنّ، ونحو ذلك، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:
[6268] ( ... ) - (حَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا
زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ، حَدَّثنَا جَرِيرٌ (ح) وَحَدَّثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، كُلُّهُمْ
عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: كُنْتُ أَلعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِهِ،
وَهُنَّ اللُّعَبُ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
وكلّهم ذُكروا في الباب وقبله، و"جرير" هو: ابن عبد الحميد، و"ابن
نمير"هو: محمد بن عبد الله بن نمير.
وقوله: (كلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ) ضمير الجماعة لهؤلاء الثلاثة: أبي أسامة،
وجرير بن عبد الحميد، ومحمدَ بن بشر.