أغنته عن غيرها، واختصت به بقَدْر ما اشترك فيه غيرها مرتين؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- عاش
بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عامًا، انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عامًا،
وهي نحو الثلثين من المجموع، ومع طول المدة فَصَان قلبها فيها من الغيرة،
ومِن نَكَد الضرائر الذي ربما حصل له هو منه ما يشوش عليه بذلك، وهي فضيلة
لم يشاركها فيها غيرها، ومما اختصت به سَبْقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان،
فسنَّت ذلك لكل من آمنت بعدها، فيكون لها مثل أجرهنّ؛ لِمَا ثبت أن: "من سَنَّ
سُنَّة حسنةً ... " الحديث، وقد شاركها في ذلك أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بالنسبة إلى
الرجال، ولا يَعْرِف قَدْر ما لكلٍّ منهما من الثواب بسبب ذلك إلا الله عز وجل (?).
وقال النووي: في هذه الأحاديث دلالة لحسن العهد، وحفظ الودّ،
ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيًّا وميتًا، وإكرام معارف ذلك الصاحب.
انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [12/ 6261] (2436)، و (عبد الرزّاق) في
"مصنّفه" (7/ 492 و 493)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (1/ 429)،
و(الطبرانيّ) في "الكبير" (22/ 450)، و (الحاكم) في "المستدرك" (3/ 205)،
و(أبو عوانة) في "مسنده" (3/ 72)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[6262] (2437) - (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ
هِشَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَت: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُويلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى
رَسُوَلِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ
خُوَيْلِدٍ"، فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ،
هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، فَأَبْدَلَكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا؟ ).