وذلك لفرط محبته إياها، ولما اتَّصَل له من الخير بسببها، وفي بيتها، ومن
أحبَّ شيئًا أكثر من ذِكره؛ ولذلك قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني رُزقت حبها" (?).
وكونه - صلى الله عليه وسلم - يُهدي لخلائل خديجة: دليل على كرم خُلُقه - صلى الله عليه وسلم -، وحُسْن
عهده، ولذلك كان يرتاح لهالة بنت خُويلد إذا رآها، وَيَهِشُّ (?) إكرامًا لها،
وسرورًا بها. انتهى (?).
وقولها: (وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عز وجل أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ) هذا
أيضًا من جملة أسباب الغيرة؛ لأن اختصاص خديجة بهذه البشرى مشعر بمزيد
محبة من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لها، ووقع عند الإسماعيليّ من رواية الفضل بن موسى،
عن هشام بن عروة، بلفظ: "ما حَسَدت امرأة قطّ ما حسدت خديجة، حين
بشّرها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ببيت من قصب. . ." الحديث.
(وَإِنْ كَانَ) "إن" مخففة من الثقيلة، ويراد بها تأكيد الكلام، ولهذا أتت
اللام في قولها: (لَيَذْبَحُ الشَّاةَ، ثُمَّ يُهْدِيهَا) بضمّ أوله، من الإهداء رباعيًّا، (إِلَى
خَلَائِلِهَا) - فيهاء المعجمة- جمع خَلِيلة؛ أي: صديقة، وهي أيضًا من أسباب
الغيرة؛ لِمَا فيه من الإشعار باستمرار حبه لها، حتى كان يتعاهد صواحباتها،
ولفظ البخاريّ: "فيُهدي في خلائلها منها ما يسعهنّ"؛ أي: ما يكفيهنّ، والله
تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخرجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [12/ 6256 و 6257 و 6258 و 6259 و 6260]
(2434 و 2435)، و (البخاريّ) في "الفضائل" (3816 و 3817) و"النكاح"
(5229) و"الأدب" (6004) و"التوحيد" (7484)، و (الترمذيّ) في "المناقب"
(2017)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (5/ 94 و 290)، و (ابن ماجه) في "النكاح"