والباقون تقدّموا قريبًا.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف رحمه اللهُ، وفيه رواية الابن عن أمه، ورواية
صحابيّة عن صحابيّة عند من أثبت لصفيّة صحبة، وفيه عائشة -رضي الله عنها- من المكثرين
السبعة، روت (2210) أحاديث.
شرح الحديث:
(عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ) العبدريّة -رضي الله عنها- أنها (قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ) أم
المؤمنين -رضي الله عنها-: (خَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةً)، وفي بعض النسخ: "ذات غداة"؛ أي:
غداةً من الغداة، والغداة: أول النهار، قال الفيّوميّ رحمه الله: الغداة: الضحوة،
وهي مؤنّثةٌ. (وَعَلَيْهِ مِرْطٌ) -بكسر الميم، وإسكان الراء-: كساءٌ يكون تارةً من
صوف، وتارةً من شَعْر، أو كتان، أو خَزّ، قال الخطابيّ: هو كساء يؤتزر به،
وقال النضر: لا يكون الْمِرْط إلا دِرْعًا، ولا يلبسه إلا النساء، ولا يكون إلا
أخضر، قال النوويّ: وهذا الحديث يَرُدّ عليه (?). (مُرَحَّلٌ) -بفتح الراء، وفتح
الحاء المهملة المشدّدة- هذا هو الصواب الذي رواه الجمهور، وضبطه
المتقنون، وحَكَى القاضي عياضٌ أن بعضهم رواه بالجيم؛ أي: عليه صُوَر
الرجال، والصواب الأول، ومعنى المرحل بالحاء: هو الْمُوَشِيّ المنقوش عليه
صور رجال الإبل، وبالجيم عليه صور المراجل: وهي القدور.
وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: المرحَّل يروى بالحاء؛ يعني: فيه صور الرّحال،
وُيروى بالجيم؛ أي: فيه صور الرجال، أو صور المراجل، وهي: القدور،
يقال: ثوب مراجل، وثوب مرجَّل. هذا قولُ الشارحين.
قال: ويظهر لي أن المرجَّل. هنا يُراد به: الممشوط خَمَلُه وزُبْرُه، كما
قال امرؤ القيس [من الطويل]:
خَرَجْتُ بِهَا تَمْشِي تَجُرُّ وراءَنا ... على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرجَّلِ
وهذا أَولى؛ لأنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كيف يلبس الثوب الذي فيه صور الرِّجال؛ مع