قال الواقديّ: مات سنة تسع وأربعين، وقال المدائنيّ: مات سنة
خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقال الهيثم بن عديّ: سنة أربع
وأربعين، وقال ابن منده: مات سنة تسع وأربعين، وقيل: خمسين، وقيل: سنة
ثمان وخمسين، ويقال: إنه مات مسمومًا. انتهى ملخّصًا من "الإصابة" (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: وُلد الحسن في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث
من الهجرة، هذا أصحُّ ما قيل في ذلك، ووُلد الحسين لخمس خلون من شعبان
سنة أربع من الهجرة، وقيل: سنة ثلاث، هذا قول الواقدي. وقال: علقت به
فاطمة -رضي الله عنها- بعد مولد الحسن بخمسين ليلة، ومات الحسن مسمومًا في ربيع
الأول من سنة خمسين بعدما مضى من خلافة معاوية عشر سنين. وقيل: بل
مات سنة إحدى وخمسين، ودُفن ببقيع الغرقد إلى جانب قبر أمه، وصلَّى عليه
سعيد بن العاص، وكان أمير المدينة، قدَّمه الحسين، وقال: لولا أنَّها سُنَّة لَمَا
قدَّمتك، وقد كان وصى أن يُدفن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إن أذِنَتْ في ذلك عائشة
فأذِنَتْ في ذلك، ومَنَع من ذلك مروان، وبنو أمية.
وروى أبو عمر بإسناده إلى عليّ -رضي الله عنه- قال: لمّا وُلد الحسن جاءه
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "أروني ابني، ما سمّيتموه؟ " قلت: حربًا. قال: "بل
هو: حسن"، فلما وُلد الحسين، قال: "أروني ابني، ما سمَّيتموه؟ "، قلت:
حربًا، قال: "بل هو: حسين"، فلمّا ولد الثالث، قال: "أروني ابني، ما
سميتموه؟ " قلت: حربًا، قال: "بل هو: محسِّن".
وعقَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن كل واحدٍ من الحسن والحسين يوم سابعه بكبش
كبش، وأمر أن يُحلَق كل واحد منهما، وأن يُتَصَدَّق بوزن شعرهما فضة. وقال
عليّ -رضي الله عنه-: "الحسين -رضي الله عنه- أشبه الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بين الصدر إلى
الرأس، والحسن أشبه الناس بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما كان أسفل من ذلك". وتواردت
الآثار الصّحاح عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في الحسن: "إن ابني هذا سيِّد، وعسى الله
أن يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، ولا أَسْوَد ممن سوَّده
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهد له بذلك، وكان حليمًا، ورِعًا، فاضلًا، دعاه وَرَعه