3 - (ومنها): بيان أن ما يعطاه الإنسان من الأهل والمال وغير ذلك من
أصناف نعيم الدنيا دون رؤية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منزلةً؛ لأن هذه الأشياء نِعَمٌ فانية زائلة،
وأما رؤيته - صلى الله عليه وسلم - ففيها الفوز الدائم، والنعيم المقيم؛ لأنها موصلة إلى جنات
النعيم، نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرزقنا حبه - صلى الله عليه وسلم - حبّاً
صادقاً يجمعنا معه في الفردوس الأعلى، إنه بعباده رؤوف رحيم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(40) - (بَابُ فَضَائِلِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-)
قال الجامع عفا الله عنه: إنما قدّم المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- أحاديث فضائل
عيسى -عَلَيْهِ السَّلامُ- على أحاديث إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلامُ-، مع أنه متأخّر عنه؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"أنا أولى الناس بابن مريم"، فأولويّته - صلى الله عليه وسلم - به تقتضي أن يقدَّم على غيره حتى في
الذِّكر، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكناب قال:
[6112] (2365) - (حَدَّثَني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي
يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ،
وَلَيْسَ بَيْني وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحْمَنِ) بن عوف الزهريّ المدنيّ، قيل: اسمه
عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقةٌ مكثرٌ [3] (ت 94 أو 104) وكان مولده سنة
بضع وعشرين (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ 2 ص 423.
والباقون تقدّموا في الباب الماضي، وقبله بباب.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأن نصفه الأول مسلسلٌ بالمصريين،
والثاني بالمدنيين، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو سلمة أحد الفقهاء السبعة
على بعض الأقوال، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - سبق القول فيه في السند الماضي.