وخلاصة القول عندي في هذه المسألة أن ما صدر من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مما
يتعلّق بتبليغ الرسالة عن الله تعالى، فهو وحي محض لا شائبة فيه، وأنه - صلى الله عليه وسلم -
كان له اجتهاد فيما لم يُنزل عليه، وهذا الاجتهاد ملحق بما قبله؛ لأن
اجتهاده، وإن لم يكن وحياً إلا أنه لا يقرّ على الخطأ إن حصل، بل يأتيه
الإرشاد من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إلى هو الحقّ، فهو ملحق بالوحي.
وأما ما يصدر عنه على سبيل الظنّ والتخمين، كما هو الواقع في
أحاديث الباب، فإنه بشر كسائر البشر يصيب ويخطئ، وهذا خلاصة ما لديّ
في هذا المقام، والله تعالى أعلم بالصواب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:
[6109] (2362) - (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِيّ الْيَمَامِيُّ، وَعَبَّاسُ بْنُ
عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ، قَالُوا: حَدَّثنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ،
حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ -وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ- حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ، حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجِ،
قَالَ: قَدِمَ نَبِيٌّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ، يَقُولُ (?): يُلَقِّحُوَنَ
النَّخْلَ، فَقَالَ: "مَا تَصْنَعُونَ؟ "، قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: "لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ
خَيْراً"، فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ، أَوْ فَنَقَصَتْ، قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ مِنْ دِينِكُمْ، فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي (?)
فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ"، قَالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هَذَا، قَالَ الْمَعْقِرِيُّ: فَنَفَضَتْ، وَلَمْ يَشُكَّ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِيّ الْيَمَامِيُّ) هو: عبد الله بن محمد اليماميّ، نزيل
بغداد، المعروف بابن الرُّوميّ، ويقال: اسم أبيه عُمَر، صدوق [10] (ت 236)
(م) من أفراد المصنّف تقدم في "الإيمان" 63/ 356.
2 - (عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ) هو: عباس بن عبد العظيم بن