حينما سأل، (يُلَقِّحُونَهُ) بتشديد القاف من التلقيح، أو بالتخفيف، من الإلقاح،
وقد فسّره بقوله: (يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الأُنْثَى)؛ معناه: شقّ طَلْع النخلة الأنثى؛
لِيُذَرَّ فيه شيء من طلع النخلة الذَّكَر، قاله في "الفتح".
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "يُلقّحونه"؛ بمعنى: يَأْبِرُون في الرواية
الأخرى، ومعناه: إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى، فتَعْلَقُ (?) بإذن الله
تعالى. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "يلقِّحونه " مضارع ألقحَ الفحلُ الناقةَ، والريحُ
السحابَ، ورياحٌ لواقحُ، ولا يقال: مَلاقح، وهو من النوادر، وقد قيل:
الأصل فيه: مُلْقِحة، ولكنها لا تُلْقِح إلا وهي في نفسها لاقح، ويقال: لَقِحَت
الناقة -بالكسر- لَقَحاً ولَقَاحاً بالفتح، فهي لاقح، واللَّقَاحُ أيضاً -بالفتح- ما
تُلْقَحُ به النخل. انتهى (?).
وقال في "التاج: الإِلقَاحُ، والتَّلقيح: أَنَّ يَدَعَ الكَافُورَ، وهو وِعاءُ طَلْع
النَّخْل ليَلتَينِ، أَو ثلاثاً بعد انْفلاقه، ثمّ يَأْخذَ شِمْرَاخاً من الفُحَّال، قال
الأَزهريّ: وأَجودُه ما عَتُقَ، وكانَ من عَامِ أَوّل، فيدُسُّونَ ذلك الشِّمْرَاخَ في
جَوْفِ الطَّلْعَة، وذلك بقَدرٍ، قال: ولا يَفعل ذلك إِلّا رَجلٌ عالمٌ بِما يَفعَل منه؛
لأَنّه إِن كان جاهِلاً، فأَكْثَرَ منه أَحرَقَ الكَافُورَ، فأَفسدَه، وإِنْ أَقلَّ منه صارَ
الكافُورُ كثيرَ الصِّيصاءِ؛ يعني بالصِّيصاءِ: ما لا نَوَى له، وإِن لم يَفعل ذلك
بالنَّخلة لم يُنتَفع بطَلْعِها ذلك العامَ. انتهى (?).
(فَيَلْقَحُ)؛ أي: تحمل تلك الأنثى، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا) نافية،
(أَظُنُّ يُغْنى ذَلِكَ شَيْئاً")؛ أي: ما أظنّ أنه ينفع شيئاً، إنما قاله - صلى الله عليه وسلم - على سبيل
الظنّ؛ لأنه لم يمارس الفِلاحة والزراعة، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قالوا: ورأيه - صلى الله عليه وسلم -
في أمور المعاش، وظنّه كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا، ولا نَقْص في ذلك،
وسببه تعلّق همّهم بالآخرة ومعارفها. انتهى.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ما أظنّ ذلك يغني شيئاً"؛ يعني به: الإبار،