(ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لِلنَّاسِ)؛ أي: الحاضرين في ذلك المجلس، وقوله:

("سَلُونِي) جملة من الفعل والفاعل، والمفعول مقول القول، وقال بعض

العلماء: هذا القول منه - صلى الله عليه وسلم - محمول على أنه أوحي إليه به، إذ لا يَعلم كل ما

يسأل عنه من المغيَّبات إلا بإعلام الله تعالى له، وقال القاضي عياض: ظاهر

الحديث أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سلوني" إنما كان غضباً. انتهى (?).

(عَمَّ شِئْتُمْ") "ما" استفهاميّة، ولذا حُذفت ألفها، لأن القاعدة أن ألفها

تُحذف إذا جُرّت، وتبقى الفتحة قبلها دليلاً عليها، نحو "فيم"، و"إلام"،

و"علام"، وعلة الحذف الفرق بين "ما" الاستفهاميّة، و"ما" الخبريّة، فلهذا

حُذفت في نحو: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)} [النازعات: 43]، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2]، وثبت في:

{لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 14]، {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [البقرة: 4، النساء: 162]، و {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وكما

لا تُحذف الألف في الخبر لا تثبت في الاستفهام، وأما قراءة عكرمة،

وعيسى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] فنادرة، وأما قول حسان - رضي الله عنه -[من الوافر]:

عَلَامَا قَامَ يَشْتِمُنِي لَئِيمٌ ... كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ

فضرورة، ويُرْوَى: "في دَمَانٍ"، وهو كالرماد وزناً ومعنى، قاله في

"العمدة" (?).

وإلى قاعدة حذف الهمزة المذكورة أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في "الخلاصة"

حيث قال:

و"مَا" فِي الاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ ... أَلِفَهَا وَأَوْلهَا الْهَا إِنْ تَقِفْ

وَلَيْسَ حَتْماً فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا ... بِاسْمٍ كَقَوْلِكَ "اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى"

(فَقَالَ رَجُلٌ) تقدّم أنه عبد الله بن حُذافة السهميّ - رضي الله عنه - (مَنْ أَبِي؟ ) جملة

من مبتدأ وخبر مقول "قال"، وإنما سأله عن ذلك؛ لأنه كان يُنسب إلى غير أبيه

إذا لاحى أحداً، فنسبه - صلى الله عليه وسلم - إلى أبيه، فـ (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَبُوكَ حُذَافَةُ") بضمّ الحاء

المهملة، والذال المعجمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015