أعظم الذنوب، وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا محمولٌ على أنَّ من

سأل عن الشيء عنتًا وعبثًا، فعوقب لسوء قَصْده بتحريم ما سأل عنه، والتحريم

يعمّ، والله تعالى أعلم (?).

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه من المبالغة أنه جعل نفسه عظيمًا، ففخّم، ثم

فسَّره بقوله: "جُرْمًا"؛ ليدل على أنَّ الأعظم نفسه جرمٌ؛ كقوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} الآية [القمر: 12]، وقوله: "في المسلمين"؛ أي: في حقهم

وَجِهَتهم، وإنما كان أعظم؛ لأنَّ سراية هذا الضرر عمّت المسلمين إلى انقراض

العالم، وبيان ذلك أن القتل، وإن كان أكبر الكبائر بعد الشرك، فإنه يتعدّى إلى

المقتول، أو إلى عاقلته، أو إلى قبيلته، ولكن جُرم من حُرّم ما سأل عنه لأجل

مسألته يتعدّى إلى سائر المسلمين، فلا يمكن أن يوجد جُرم ينتهي في معنى

العموم إلى هذا الحدّ.

قال: والسؤال في كتاب الله تعالي، وفي الحديث نوعان: أحدهما ما

كان على طريق التكلّف والعنت، وهو مكروه يُنهى عنه، وكل ما كان من هذا

الوجه، ووقع السكوت عن جوابه، فإنما هو ردعٌ وزجرٌ للسائل، فإن وقع

الجواب عنه، فهو عقوبة وتغليظ.

وقال المظهر: هذا في حقّ من سأل عبثًا وتكلُّفًا؛ كمسألة بني إسرائيل

في بيان البقرة، دون من يسأل سؤال حاجة، فهو مثابٌ؛ لقوله تعالى:

{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

واحتجّ بهذا الحديث من يذهب إلى أن الأشياء قبل ورود الشرع بها على

الإباحة حتى يقوم دليلٌ على الحظر. انتهى ما ذكره الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).

(مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ)، وفي رواية سفيان التالية: "عن أمر"، وفي رواية

معمر: "رجل سأل عن شيء، ونَقَّر عنه" وهو بفتح النون، وتشديد القاف،

بعدها راء؛ أي: بالغ في البحث عنه، والاستقصاء. (لَمْ يُحَرَّمْ) بتشديد الراء

مبنيًّا للمجهول، من التحريم، صفة لـ: "شيءٍ"، (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) متعلّق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015