وحاصل ما أشار إليه أنه -صلى الله عليه وسلم- قد جمع بين القوة العلمية والقوة العملية؛

أي: إنهم توهموا أن رغبتهم عما أفعل أقرب لهم عند الله تعالى، وليس

كذلك؛ إذ هو أعلمُهم بالقربة، وأَولاهم بالعمل بها.

وقال ابن بطال رَحِمَهُ اللهُ: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رفيقًا بأمته، فلذلك خُفِّف عنهم

العتاب؛ لأنهم فعلوا ما يجوز لهم من الأخذ بالشدّة، ولو كان ذلك حرامًا

لأَمَرهم بالرجوع إلى فعله.

قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: أما المعاتبة فقد حصلت منه لهم بلا ريب، وإنما لم

يميِّز الذي صدر منه ذلك سَتْرًا عليه، فحصل منه الرفق من هذه الحيثية، لا

بترك العتاب أصلًا، وأما استدلاله بكون ما فعلوه غير حرام، فواضح من جهة

أنه لم يُلزمهم بفعل ما فعله هو (?)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [35/ 6091 و 6092 و 6093] (2356)،

و(البخاريّ) في "الأدب" (6101) و"الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة" (7301) وفي

"الأدب المفرد" (1/ 156)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (6/ 67)، و (أحمد) في

"مسنده" (6/ 45 و 181)، و (ابن راهويه) في "مسنده" (3/ 818)، و (ابن

خزيمة) في "صحيحه" (2015 و 2021)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (8/ 310)،

و(تمام) في "فوائده" (1/ 229)، و (البيهقيّ) في " الكبرى" (3/ 139)، والله

تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان الحثّ على الاقتداء بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وذمّ التعمق، والتنزه

عن المباح شكًّا في إباحته.

2 - (ومنها): حسن العشرة عند الموعظة، والإنكار، والتلطف في ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015