حِسْبَانًا بالكسر؛ بمعنى: ظننتُ، قاله الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ (?).
(مِثْلَكَ) بالنصب مفعول أول لـ "حسبتُ"؛ لأنه من أفعال القلوب التي
تنصب المبتدأ والخبر، وقد سردها ابن مالك رَحِمَهُ اللهُ في "الخلاصة"، حيث قال:
انْصِبْ بِفِعْلِ الْقَلْبِ جُزْأَيِ ابْتِدَا ... أَعْنِي رَأَى خَالَ عَلِمْتُ وَجَدَا
ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَدّْ ... حَجَا دَرَى وَجَعَلَ اللَّذْ كَاعْتَقَدْ
وَهَبْ تَعَلَّمْ وَالَّتِي كَصَيَّرَا ... أَيْضًا بِهَا انْصِبْ مُبْتَدًا وَخَبَرَا
وقوله: (مِنْ قَوْمِهِ) متعلّق بصفة لـ "مثلك"، وفي بعض النسخ: "من
قومك"، والمراد بقومه بنو هاشم؛ لأنه من مواليهم، ومولى القوم منهم،
وقوله: (يَخْفَى عَلَيْهِ ذَاكَ)؛ أي: مقدار عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم مات؛ لأنه من
الأمور المشهورة بين بني هاشم، فكيف خفي عليك؟ ، وقوله: "يخفى" بفتح
أوله، وثالثه، من باب تَعِب، والجملة في محلّ نصب على أنها المفعول الثاني
لـ "حسبت". (قَالَ) عمّار (قُلْتُ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ) عن هذه المسألة، ولم
يذكر أسماء من سألهم، (فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ)؛ أي:
لأنك ممن له عناية في تحقيق العلم، ولا سيّما مثل هذه المسألة. (قَالَ) ابن
عبّاس -رضي الله عنهما- (أَتَحْسُبُ؟ ) بضمّ السين، حَسَبْتُ المالَ أحسُبُه بفتح السين في
الماضي، وضمّها في المضارع، من باب قَتَلَ حَسْبًا، وحِسْبَة، بالكسر،
وحُسْبَانأ، بالضمّ: بمعنى أحصيته عددًا، أفاده الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ (?). (قَالَ) عمّار
(قُلْتُ: نَعَمْ) أحسُبُ، (قَالَ) ابن عبّاس (أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ) سنةً؛ أي: اضبطها،
حتى نبني عليها ما بعدها، (بُعِثَ) بالبناء للمفعول، (لَهَا) قال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ:
اللام بمعنى: الوقت، كما في قوله تعالى: {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24]، وقوله:
(خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ) هكذا النُّسخ، والظاهر أنه حُذف منه العاطف؛ أي:
وأمسك خمس عشرة مع الأربعين.
قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن قوله: "خمس عشرة" شاذّ، تفرّد به
عمار بن أبي عمّار، وقد تقدّم في ترجمته أن البخاريّ قال في "الأوسط" بعد
ذكر الحديث: لا يتابَع عليه، فدلّ على أنه مما تفرّد به، وهو مخالف لرواية