وقوله: "وأنا ابن ثلاث وستين" الواو للحال، فَيَحْتَمِل أن يريد أنه كان
وقت تُوُفّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن ثلاث وستين، وَيحْتَمِل أن يكون كذلك وقت
حَدَّثَ بهذا الحديث، والحاصل: أنه وصل إلى ثلاث وستين سنة، وقد قيل في
هذا: إن معاوية -رضي الله عنه- استَشْعَر أنه يوافقهم في السنّ، فيموت، وهو ابن ثلاث
وستين سنةً، وليس بصحيح عند أحد من علماء التاريخ، فإنَّ أقل ما قيل في
عمره يوم تُوُفّي أنه كان ثمانيًا وسبعين سنة، وأكثر ما قيل فيه: ست وثمانون،
وقيل: اثنان وثمانون سنة، وكانت وفاته بدمشق، وبها دُفن سنة ستين في
النصف من رجبها، قال ابن إسحاق: كان معاوية -رضي الله عنه- أميرًا عشرين سنةً،
وكان خليفةً عشرين سنةً، وقال غيره: كانت خلافته تسع عشرة سنة وستة أشهر
وثمانية وعشرين يومًا. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (?)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رَحِمَهُ اللهُ أوّلَ الكتاب قال:
[6082] (2353) - (وَحَدَّثَنِي ابْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَمْ
أَتَى لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ مَاتَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسِبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ (?) يَخْفَى
عَلَيْهِ ذَاكَ، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ
قَوْلَكَ فِيهِ، قَالَ: أَتَحْسُبُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ بُعِثَ لَهَا،
خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ، يَأْمَنُ، وَيَخَافُ، وَعَشْرَ (?) مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (ابْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ) هو: محمد بن المنهال التميميّ، أبو عبد الله،
أو أبو جعفر البصريّ، ثقةٌ حافظٌ [10] (ت 231) (خ م د س) تقدم في
"الإيمان" 60/ 336.
2 - (يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعِ) -بتقديم الزاي، مصغَّرًا- أبو معاوية البصريّ، ثقةٌ
ثبتٌ [3] (ت 182) (ع) تَقدم في "الإيمان" 7/ 132.