فيلقمه حجراً، فينطلق يسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه، فغر له فاه، فألقمه
حجراً، قال: قلت لهما: ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق، انطلق، قال:
فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه الْمَرآة (?)؛ كأكره ما أنت راء رجلاً مَرآةً، فإذا
عنده نار يَحُشّها (?)، وشمعى حولها، قال: قلت لهما: ما هذا؟ قال: قالا لي:
انطلق، انطلق، فانطلقنا، فأتينا على روضة مُعْتِمَة (?)، فيها من كل لون الربيع،
وإذا بين ظَهْري الروضة رجل طويل، لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا
حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قطّ، قال: قلت لهما: ما هذا؟ ما هؤلاء؟
قال: قالا لي: انطلق، انطلق، قال: فانطلقنا، فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر
روضة قطّ أعظم منها، ولا أحسن، قال: قالا لي: ارْقَ فيها، قال: فارتقينا
فيها، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلَبِن ذهب، ولَبِن فضة، فأتينا باب المدينة،
فاستفتحنا، ففُتح لنا، فدخلناها، فتلقّانا فيها رجال شَطْر من خلقهم كأحسن ما
أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء، قال: قالا لهم: اذهبوا، فقَعُوا في ذلك
النهر، قال: وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض (?) في البياض، فذهبوا،
فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن
صورة، قال: قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، قال: فسما بصري
صُعُداً، فإذا قصر مثل الربابة (?) البيضاء، قال: قالا لي: هذاك منزلك، قال:
قلت لهما: بارك الله فيكما، ذراني، فأدخله، قالا: أمّا الآن فلا، وأنت
داخله، قال: قلت لهما: فإني قد رأيت منذ الليلة عجباً، فما هذا الذي رأيت؟
قال: قالا لي: أَمّا إنا سنخبرك، أما الرجل الأول الذي أَتيت عليه يُثْلغ رأسه
بالحجر، فإنه الرجل يأخذ الفرآن، فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما
الرجل الذي أتيت عليه يُشَرْشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى
قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأما الرجال