قال النوويّ: قال العلماء: كان ثابت بن قيس خطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
يجاوب الوفود عن خطبهم، وتشدّقهم.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وهذا ثابث يجيبك عني" يعني: ثابت بن
قيس بن شماس، خطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وجد على مسيلمة في
نفسه، فأعرض عنه إعراض المحتقر له، المصغِّر لشأنه، وأحال على ثابت؛
لعلمه بأنه يقوم عنه بجواب كل ما يسألونه عنه؛ إذ كان من أفضل الناس،
وأكملهم عقلاً، وأفصحهم لساناً، وكان مع ذلك جَهْوَريّ (?) الصوت، حسن
النغمة، فكان يقوم بالحجة، ويبالغ في إيراد الخطبة. انتهى (?).
(ثُمَّ انْصَرَفَ)؛ أي: رجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (عَنْهُ)؛ أي: عن مسيلمة، (فَقَالَ ابْنُ
عَبَّاس) - رضي الله عنهما - (فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: عن تفسيره، ("إِنَّكَ (?) أُرَى
الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِبتُ، ، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بَيْنَا
أنما نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارينِ)، وفي بعض النسخ: "إسوارين"، قال في
"الفتح": قوله: "إسواران" بكسر الهمزة، وسكون المهملة: تثنية إسوار، وهي
لغة في السِّوَار، والسوار بالكسر، ويجوز الضم، والأُسوار أيضاً صفة للكبير
من الفُرْس، وهو بالضم، والكسر معاً، بخلاف الإسوار من الحلي، فإنه
بالكسر فقط. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "بالكسر فقط" فيه نظر؛ لأنه سيأتي في
عبارة "التاج" أن فيه الكسر، والضمّ، فتنبّه.
وقال القرطبيّ: السوار: ما تجعله المرأة في ذراعيها، مما تتحلَّى به من
الذهب والفضة، وفيه ثلاث لغات: كسر السين، وضمّها، وبهمزة مضمومة،
فيقال: أُسوار، ويجمع أساورة، فأمَّا أساورة الفُرْسِ فقُوَّادهم. انتهى.
وقال في "التاج": السّوَارُ ككِتَاب، وغُرَاب: القُلْبُ -بضمّ، فسكون-
كالأُسْوارِ بالضَّمِّ، ونُقلِ عن بعضهم الكسر أيضاً، والكلُّ مُعَرَّب دستوار
بالفَارسِية، وقد استعمَلَتْه العربُ، وهو ما تَسْتعمله المرأَةُ في يَدَيْهَا، جَمْعه