أوله، وكسر ثالثه، من باب تَعِب، (فَقَدِمَهَا)؛ أي: المدينة، (فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ)
"في" بمعنى "مع"، كما في قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38].
قال في "الفتح": قوله: "وقَدِمها في بَشَر كثير" ذكر الواقديّ كما تقدم أن
عدد من كان مع مسيلمة من قومه سبعة عشر نفساً، فيَحْتَمِل تعدد القدوم، كما
تقدم. انتهى (?).
(مِنْ قَوْمِهِ) هم بنو حنيفة، (فَأَقْبَلَ)؛ أي: توجّه (إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) قال
العلماء: إنما أتاه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تأليفاً له، ولقومه؛ رجاء إسلامهم، وليبلغ ما أنزل
إليه، قال القاضي عياض: ويَحْتَمِل أن سبب مجيئه إليه أن مسيلمة قصده من
بلده للقائه، فجاءه مكافأة له، قال: وكان مسيلمة إذ ذاك يُظهر الإسلام، وإنما
ظهر كفره، وارتداده بعد ذلك، قال: وقد جاء في حديث آخر أنه هو أتى
النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَحْتَيل أنهما مرتان. انتهى (?).
وقوله: (وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ) جملة حاليّة؛ أي: والحال أن
مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثابت بن قيس بن شَمّاس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن
مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصاريّ الخزرجيّ، خطيب الأنصار.
رَوَى ابن السَّكَن من طريق ابن أبي عديّ، عن حميد، عن أنس، قال:
خطب ثابت بن قيس مَقْدَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فقال: نمنعك مما نمنع منه
أنفسنا، وأولادنا، فما لنا؟ قال: "الجنة"، قا لوا: رَضِينا.
وقال جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس: كان ثابت بن قيس خطيب
الأنصار، يكنى أبا أحمد، وقيل: أبا عبد الرحمن، لم يذكره أصحاب المغازي
في البدريين، وقالوا: أول مشاهده أُحُدٌ، وشَهِد ما بعدها، وبشّره النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
بالجنة في قصة شهيرة، رواها موسى بن أنس، عن أبيه، أخرج أصل الحديث
مسلم، وفي الترمذيّ بإسناد حسن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - زعنه رفعه: "نِعْم الرجل
ثابت بن قيس"، وفي البخاريّ مختصراً، والطبرانيّ مطوّلاً، عن أنس، قال:
لمّا انكشف الناس يوم اليمامة، قلت لثابت بن قيس: ألا ترى يا عمّ، ووجدته