وَقَبْلَ مَا أُنِّثَ عُمْدَةً فَشَا ... تَأْنِيثُهُ كَـ "إِنَّهَا هِنْدٌ رَشَا"
(لَا يَنْبَغِي)؛ أي: لا يجوز، ولا يُمكن، قال الفيّوميّ رحمه الله: وقد عدّوا
"يَنْبَغِي" من الأفعال التي لا تَتَصَرَّف، فلا يقال: انبغى، وقيل في توجيهه: إن
انْبَغَى مطاوع بغى، ولا يُستعمل انفعل في المطاوعة، إلا إذا كان فيه علاج
وانفعال، مثل: كسرته فانكسر، وكما لا يقال: طلبته فانطلب، وقصدته
فانقصد، لا يقال: بَغَيْتُهُ فَانْبَغَى؛ لأنه لا علاج فيه، وأجازه بعضهم، وحُكِي
عن الكسائيّ أنه سمعه من العرب. انتهى (?).
(لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ)؛ أي: يتصوّر (فِي صُورَتي")؛ يعني: أن الله تعالى
حَمَى صورته -صلى الله عليه وسلم-، أن يتلاعب بها الشيطان، فلا يقدر أن يتمثّل بها. (وَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-
("إِذَا حَلَمَ)؛ أي: رأى في منامه رؤيا، يقال: حَلَمَ يَحْلُمُ، من باب قتل حُلْمًا،
بضمّتين، وبإسكان الثاني تخفيفًا، واحْتَلَمَ: إذا رأى ذلك (?). (أَحَدُكُمْ فَلَا)
ناهية، ولذا جُزم بها قوله: (يُخْبِرْ) بضمّ أوله، من الإخبار؛ أي: لا يُحدّث
(أَحَدًا) من الناس (بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي الْمَنَامِ") فيه إشارة إلى أن الحلم
نوعان، كما فصّله في الحديث الآخر: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من
الشيطان"، فالنوع الأول يُخبره حبيبًا، أو لبيبًا، والنوع الثاني لا يُخبِر به أحدًا،
ولو حبيبه؛ إذ هو من تلاعب الشيطان؛ {وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 10]، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [2/ 5908 و 5909] (2268)، و (النسائيّ) في
"الكبرى" (4/ 391)، و (ابن ماجه) في "تعبير الرؤيا" (2/ 1287)، و (أحمد) في
"مسنده" (3/ 350)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (4/ 180)، و (عبد بن حميد) في
"مسنده" (1/ 319)، والله تعالى أعلم.