وموت العلماء، والصالحين، ومن يُستضاء بقوله، وعمله، فجعله الله تعالى

جابرًا، وعِوَضًا، ومنبِّهًا لهم، والأول أظهر؛ لأنَّ غير الصادق في حديثه يتطرق

الخلل إلى رؤياه، وحكايته إياها. انتهى (?).

(وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسةٍ) وقع في معظم النسخ: بلفظ: "خمس"

بحذف التاء، والأول أولي، والله تعالى أعلم. (وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) قال

السيوطيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرحه": هذا عندي من الأحاديث المتشابهة التي نؤمن بها،

ونكل معناها المراد إلى قائله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا نخوض في تعيين هذا الجزء من هذا

العدد، ولا في حكمته خصوصًا، وقد اختلفت الروايات في كمية العدد، ففي

رواية: "من ستة وأربعين"، وفي رواية: "من ستة وعشرين"، وفي رواية: "من

أربعين"، وفي رواية: "من أربعة وأربعين"، وفي رواية: "من تسعة وأربعين"،

وفي رواية: "من خمسين"، وفي رواية: "من سبعين"، والله أعلم بمراد نبّيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: سأذكر في المسألة الخامسة ما قاله أهل العلم

في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "جزء من أربعين جزءًا من النبوّة" - إن شاء الله تعالى -.

(وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ)؛ أي: ثلاثة أنواع، (فَرُؤَيَا الصَّالِحَةِ) من إضافة الموصوف

إلى الصفة؛ كمسجد الجامع، وهو مبتدأ خبره قوله: (بُشْرَى مِنَ اللهِ) تعالى؛

أي: الرؤيا الصالحة التي يراها المسلم، أو تُرى له بُشرى من الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - له، قال

القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "بشرى من اللِّه"؛ أي: مُبشرة بخير، ومحذِّرة عن شرٍّ،

فإن التحذير عن الشرِّ خيرٌ، فتتضمَّنه البشري، وإنَّما قلنا ذلك هنا؛ لأنَّه قد قال

في حديث الترمذيّ: "الرؤيا ثلاثة: رؤيا من الله" مكان: "بشرى من الله"،

فأراد بذلك - والله أعلم - الرؤيا الصادقة المبشِّرة، والمحذِّرة. انتهى (?).

(وَرُؤْيَا) مبتدأ سوّغه التقسيم، وخبره قوله: (تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ)؛ أي:

إيقاع منه للمسلم في حُزْن وَهَمّ، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويُلحق بالرؤيا المحزنة:

المفزعات، والمهوِّلات، وأضغاث الأحلام؛ إذ كلّ ذلك مذموم؛ لأنَّها من آثار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015