محمد، وسعيد بن المسيِّب، قال: وأكثرُهم فيما تدل ألفاظ الآثار عنهم إنما
كرهوا المقامرة بها، وقال الشافعيّ: أكره اللعب بالنرد؛ للخبر، واللاعبُ
بالشطرنج، والحَمَام بغير قمار، هان كرهناه أيضًا أخفُّ حالًا، وقال أبو
حنيفة، وأصحابه: يكره اللعب بالشطرنج، والنرد، والأربعة عشر، وكل اللهو،
فإن لم يظهر من اللاعب بها كبيرة، وكانت محاسنه أكثر من مساويه قُبلت
شهادته عندهم، وقول مالك، وأصحابه مثل ذلك، إلا أن مذهبهم في شهادته
أنه لا تجوز شهادة اللاعب بالنرد، ولا شهادة الْمُدمِن على لعب الشطرنج،
وقال بعضهم: النرد، والشطرنج سواء، لا يكره إلا الإدمان عليهما، وقال
بعضهم: الشطرنج شرّ من النرد، فلا تجوز شهادة اللاعب بها، هان لم يكن
مُدْمِنًا، وممن قال ذلك: الليثُ بن سعد، ذكره ابن وهب عنه، قال: اللعب
بالشطرنج لا خير فيه، وهي شرّ من النرد، وقال ابن شهاب: هي من الباطل،
ولا أحبها، ذكره ابن وهب عن يحيى بن أيوب، عن عُقيل، عنه، وأما
الشافعيّ فلا تَسقُط عند أصحابه في مذهبه شهادة اللاعب بالنرد، ولا
بالشطرنج، إذا كان عَدْلاً في جميع أحواله، ولم يظهر منه سَفَهٌ، ولا رِيبة، ولا
كبيرة، إلا أن يلعب بها قمارًا، فإن لَعِب بها قمارًا، أو كان بذلك معروفًا
سقطت عدالته، وسَفِهَ نَفْسَهُ لأكله المالَ بالباطل، ولم يَختلف العلماء أن القمار
من الميسر المحرَّم، وأكثرهم على كراهة اللعب بالنرد، على كل حال، قمارًا،
أو غير قمار؛ للخبر الوارد فيها، قال: وما أعلم أحدًا أرخص في اللعب بها
إلا ما جاء عن عبد الله بن مغفل، وعكرمة، والشعبيّ، وسعيد بن المسيِّب،
فإن شعبة رَوَى عن يزيد بن أبي خالد، قال: دخلت على عبد الله بن المغفَّل،
وهو يلاعب امرأته الخضيراء بالقصاب- يعني: النردشير- ورُوي عن عكرمة،
والشعبيّ أنهما كانا يلعبان بالنرد، وذكر ابن قتيبة عن إسحاق بن راهويه، عن
النضر بن شُميل، عن شعبة، عن عبد ربه، قال: سمعت سعيد بن المسيِّب،
وسئل عن اللعب بالنرد، فقال: إذا لم يكن قمارًا، فلا بأس به، قال إسحاق:
إذا لعبه على غير معنى القمار، يريد به التعليم، والمكايدة، فهو مكروه، ولا
يبلغ ذلك إسقاط شهادته.
قال ابن عبد البرّ: ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه نَهَى عن اللعب بالنرد، فأخبر