فَطِنت، وعَلِمت، وسُمِّي شاعرًا؛ لِفِطْنته، وعِلمه به، فإذا لم يقصده فكأنه لم

يَشْعُر به، وهو مصدر في الأصل، يقال: شَعَرْتُ أَشْعُرُ، من باب قتل: إذا

قلته، وجَمْع الشَّاعِرِ شُعَرَاءُ، وجمع فاعل على فُعلاء نادرٌ، ومثله عاقل

وعُقلاء، وصالح وصُلحاء، وبارح وبُرحاء، عند قوم، وهو شِدّة الأذى، من

التبريح، وقيل: الْبُرَحاء غير جمع، قال ابن خالويه: وإنما جُمِع شَاعِرٌ على

شُعَرَاءَ؛ لأن من العرب من يقول: شَعُرَ بالضم، فقياسه أن تجيء الصفة على

فَعِيلٍ، نحو شَرُف فهو شريفٌ، فلو قيل كذلك لالتبس بِشَعِيرٍ الذي هو الحَبّ،

فقالوا: شَاعِرٌ، ولَمَحُوا في الجمع بناءه الأصليّ، وأما نحو عُلماء، وحُلماء،

فجَمْع عليم، وحليم، وشَعَرْتُ بالشيء شُعورًا، من باب قعد، وشِعْرًا، وشِعْرَةً

بكسرهما: علمت، وليت شِعري: ليتني علمت. انتهى (?).

وقال البخاريّ -رحمه الله- في "صحيحه": "باب ما يجوز من الشعر، والرجز،

والحداء".

قال في "الفتح": أما الشعر: فهو في الأصل اسم لِمَا دَقّ، ومنه: ليت

شعري، ثم استُعمل في الكلام الْمُقَفَّى الموزون قصدًا، ويقال: أصله الشَعَرُ

بفتحتين، يقال: شَعَرت: أصبت الشعر، وشَعَرت بكذا: عَلِمت علمًا دقيقًا

كإصابة الشعر.

وقال الراغب: قال بعض الكفار عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: إنه شاعر، فقيل: لِمَا

وقع في القرآن من الكلمات الموزونة، والقوافي، وقيل: أرادوا أنه كاذبٌ،

لأن أكثر ما يأتي به الشاعر كَذِبٌ، ومن ثَمَّ سَمُّوا الأدلة الكاذبة شعرًا، وقيل

في الشعر: أحسنه أكذبه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا

يَفْعَلُونَ (226)} [الشعراء: 226]، ويؤيد الأول ما ذُكر في حدّ الشعر أن شَرْطه

القصد إليه، وأما ما وقع موزونًا اتفاقًا فلا يسمى شعرًا.

وأما الرجز: فهو- بفتح الراء، والجيم، بعدها زاي- وهو نوع من الشعر

عند الأكثر، وقيل: ليس بشعر؛ لأنه يقال: راجز، لا شاعر، وسُمّي رجزًا؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015