[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف -رحمه الله-، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو
هريرة -رضي الله عنه- أحفظ من روى الحديث في دهره.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-: "مَنْ عُرِضَ) بالبناء
للمفعولِ (عَلَيْهِ ريحَان) وفي رواية النسائيّ: "من عُرض عليه طِيبٌ"، وسيأتي
ترجيحها في كلام الحافظ -رحمه الله-، قال النوويّ -رحمه الله-: قال أهل اللغة، وغريب
الحديث في تفسير هذا الحديث: "الريحان": هو كلّ نبت مشموم، طيّب
الريح، قال القاضي عياض- بعد حكاية ما ذكرنا -: وَيحْتَمِل عندي أن يكون
المراد به في هذا الحديث الطِّيب كلّه، وقد وقع في رواية أبي داود في هذا
الحديث: "من عُرض عليه طِيب"، وفي "صحيح البخاريّ": "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم-لا
يردّ الطِّيب". انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: "الرَّيحان": كلُّ بقلةٍ طيِّبة الرِّيح. قاله الخليل.
والمراد به في هذا الحديث: كلُّ الطِّيب؛ لأنَّه كله خفيف المحمل، طيِّب
الرِّيح؛ ولأنه قد جاء في بعض طرق هذا الحديث: "من عُرِض عليه طِيبٌ"
بدل: "ربحان" (?).
وقال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" بعد ذكر اختلاف الرواية ما نصّه: ورواية
الجماعة- يعني: بلفظ: الطِّيب -أثبت، فإن أحمد، وسبعةَ أنفس معه، رووه
عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، بلفظ: "الطيب"،
ووافقه ابن وهب عن سعيد، عند ابن حبان، والعدد الكثير أَولى بالحفظ من
الواحد، وقد قال الترمذيّ- عقب حديث أنس، وابن عمر -رضي الله عنه-: وفي الباب
عن أبي هريرة، فأشار إلى هذا الحديث.