[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف رحمهُ اللهُ، وأن نصفه الأول مسلسلٌ بالمصريين،
والثاني بالمدنيين، وفيه رواية تابعي عن تابعي، كلاهما من الفقهاء السبعة،
وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه- أحفظ من روى الحديث في دهره.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْ) القرص: الأخذ
بأطراف الأصابع، والمراد به هنا العضّ. (نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ) قال في "الفتح": قيل:
هو العزير، ورَوَى الحكيم الترمذيّ في "النوادر" أنه موسى عليه السَّلام، وبذلك جزم
الكلاباذيّ في "معاني الأخبار"، والقرطبيّ في "التفسير" (?). (فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ)؛
أي: بإحراق مكانها، قال في "الفتح": وقرية النمل موضع اجتماعهنّ، والعرب
تُفرِّق في الأوطان، فيقولون لمسكن الإنسان: وَطَنٌ، ولمسكن الإبل: عَطَنٌ،
وللأسد: عَرِين، وغابة، وللظبي: كِناس (?)، وللضبّ: وِجارٌ (?)، وللطائر: عُشّ،
وللزنبور: كُورٌ (?)، ولليربوع: نافقٌ، وللنمل: قرية. انتهى.
وقد نظمت ذلك بقوليّ:
فَرَّقَتِ الْعَرَبُ لِلأَوْطَانِ ... فَوَطَنٌ يَكُونُ لِلإِنْسَانِ
وَعَطَنٌ لإِبِل وَغَابَةُ ... لأَسَدِ مَعَ الْعَرِينِ ثَابِةٌ
وَبِالْوِجَارِ خُصَّ ضَبًّا وَاجْعَلَا ... عُشًّا لِطَائِرٍ وَكُورٌ قَدْ جَلَا
مَوْضِعَ زُنْبُورٍ وَللْيَرْبُوعِ قَدْ ... جُعِلَ نَافِقٌ وَقَرْيَةٌ تُعَدّ
لِلنَّمْلِ هَكَذَا أَتَى فِي "الْفَتْحِ" ... قَرَّبْتُهُ نَظْمًا لأَجْلِ النُّصْحِ
وسُمّيت قريةً؛ لاجتماع أهلها فيها.
(فَأُحْرِقَتْ) بالبناء للمفعول، (فَأَوْحَى اللهُ) سبحانه وتعالى (إِلَيْهِ)؛ أي: إلى ذلك
النبيّ، (أَفِي أَنْ قرَصَتْكَ نَمْلَةٌ) الهمزة للاستفهام الإنكاريّ، و"أن" مصدريّة،