الطبّ على الإشارة للأدوية الحسيّة؛ كالحبة السوداء، والعسل، ثم على الأدوية

المعنوية؛ كالرُّقَى بالدعاء، والقرآن، ثم ذُكِرت الأدواء التي تنفع الأدوية

المعنوية في دفعها؛ كالسحر، كما ذُكرت الأدواء التي تنفع الأدوية الحسية في

دفعها؛ كالجذام، والله أعلم. انتهى (?).

(المسألة الثانية): "الكِهانة"- بفتح الكاف، ويجوز كسرها-: ادِّعاءُ علم

الغيب، كالإخبار بما سيقع في الأرض، مع الاستناد إلى سبب، والأصل فيه

استراق الجنيّ السمع من كلام الملائكة، فيلقيه في أذن الكاهن.

والكاهن: لفظ يُطلق على العرّاف، والذي يضرب بالحصى، والمنجِّم،

ويطلق على من يقوم بأمر بآخر، ويسعى في قضاء حوائجه، وقال في

"المحكم": الكاهن القاضي بالغيب، وقال في "الجامع": العرب تسمي كل من

آذن بشيء قبل وقوعه كاهنًا.

وقال الخطابيّ: الكَهَنة قوم لهم أذهان حادّة، ونفوس شِرِّيرة، وطباع

ناريّة، فأَلِفتهم الشياطين لِمَا بينهم من التناسب في هذه الأمور، وساعدتهم بكل

ما تَصِل قدرتهم إليه، وكانت الكهانة في الجاهلية فاشيةً خصوصًا في العرب؛

لانقطاع النبوة فيهم، وهي على أصناف:

منها: ما يتلقونه من الجنّ، فإن الجنّ كانوا يصعدون إلى جهة السماء،

فيركب بعضهم بعضًا إلى أن يدنو الأعلى بحيث يسمع الكلام، فيلقيه إلى الذي

يليه، إلى أن يتلقاه من يلقيه في أذن الكاهن، فيزيد فيه، فلما جاء الإسلام،

ونزل القرآن، حُرِست السماء من الشياطين، وأُرسلت عليهم الشهب، فبقي من

استراقهم ما يتخطفه الأعلى، فيلقيه إلى الأسفل قبل أن يصيبه الشهاب، وإلى

ذلك الإشارة بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)}

[الصافات: 10]، وكانت إصابة الكهان قبل الإسلام كثيرةً جدًّا، كما جاء في

أخبار شِقِّ، وسَطِيح، ونحوهما، وأما في الإسلام فقد ندر ذلك جدًّا، حتى كاد

يضمحلّ، ولله الحمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015