عليها التخفيف، حتى لم يُنْطَق بها مهموزةً، وقال الجوهريّ: يقال: رجل
مشوم، ومشؤوم، ويقال: ما أشأم فلانًا؟ ، والعامّة تقول: ما أيشمه؟ وتقول
أيضًا: ميشوم، وهو من تصحيفاتهم. انتهى (?).
قال النوويّ -رحمه الله-: اختلف العلماء في هذا الحديث، فقال مالك،
وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببًا للضرر،
أو الهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة، أو الفرس، أو الخادم، قد يحصل
الهلاك عنده بقضاء الله تعالى، ومعناه: قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة، كما
صرَّح به في رواية: "إن يكن الشؤم في شيء"، وقال الخطابيّ، وكثيرون: هو
في معنى الاستثناء من الطيرة؛ أي: الطيرة منهيّ عنها، إلا أن يكون له دار
يَكره سكناها، أو امرأة يَكره صُحبتها، أو فرس، أو خادم، فليفارق الجميع
بالبيع، ونحوه، وطلاق المرأة.
وقال آخرون: شؤم الدار ضِيقها، وسوء جيرانها، وأذا هم، وشؤم المرأة
عدم ولادتها، وسلاطة لسانها، وتعرضها للرِّيَبِ، وشؤم الفرس أن لا يُغْزى
عليها، وقيل: حِرَانها، وغَلاء ثمنها، وشؤم الخادم سوء خُلُقه، وقلة تعهّده لِمَا
فُوِّض إليه، وقيل: المراد بالشؤم هنا: عدم الموافقة.
واعتَرَضَ بعض الملاحدة بحديث: "لا طِيَرَةَ" على هذا، فأجاب ابن قتيبة
وغيره بأن هذا مخصوص من حديث: "لا طِيَرَة" إلا في هذه الثلاثة.
قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: إن الجامع لهذه الفصول السابقة
في الأحاديث ثلاثة أقسام: أحدها: ما لم يقع الضرر به، ولا اطّردت عادة
خاصّة، ولا عامّة، فهذا لا يُلتفت إليه، وأنكر الشرع الالتفات إليه، وهو
الطِّيَرة، والثاني: ما يقع عنده الضرر عمومًا لا يخصه، ونادرًا، لا متكررًا؛
كالوباء، فلا يَقْدَم عليه، ولا يخرج منه، والثالث: ما يخصّ، ولا يعمّ؛
كالدار، والفرس، والمرأة، فهذا يباح الفرار منه، والله أعلم. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: "الشؤم": نقيض اليُمْن، وهو من باب الطيرة،
ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا طيرة، إنما الشؤم في ثلاثة: المرأة، والفرس، والدار"،