وقوله: (مِنْ غَنَمٍ) بيان لقطيع، وفي بعض النسخ: "من الغنم"، وتقدّم
أنَّها ثلاثون شاةً. (فَأَبَى) الرجل الراقي (أَنْ يَقْبَلَهَا)؛ أي: تلك الغنم؛ لعدم
علمه بحكمها، (وَفَالَ) لا أقبلها، ولا أقسمها بين أصحابي (حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ
لِلنَّبِبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهَ -: وإيقاف الصحابيّ قبول الغنم على سؤال
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عملٌ بما يجب من التوقف عند الإشكال إلى البيان، وهو أمرٌ لا
يُختَلَف فيه. انتهى (?).
وفي رواية البخاريّ: "قال: فأَوْفَوْهم جُعْلهم الذي صالحوهم عليه، فقال
بعضهم: أقسموا، فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا، حتى نأتي النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنذكر له
الذي كان، فننظر ما يأمرنا".
قوله: فقال بعضهم: "أقسموا"، قال الحافظ: لَمْ أقف على اسمه.
قوله: "فقال الذي رَقَى" بفتح القاف، وفي رواية الأعمش: "فلما قبضنا
الغنم عَرَض في أنفسنا منها شيء"، وفي رواية معبد بن سيرين: "فأمَر لنا
بثلاثين شاةً، وسقانا لبنًا"، وفي رواية سليمان بن قَتَّة: "فبَعَث إلينا بالشياه،
والنُّزُل، فأكلنا الطعام، وأبوا أن يأكلوا الغنم، حتى أتينا المدينة"، وبَيَّن في
هذه الرواية أن الذي منعهم من تناولها هو الراقي، وأما في باقي الروايات
فأبهمه.
قوله: "فننطر ما يأمرنا"؛ أي: فنتبعه، ولم يريدوا أنهم يُخَيَّرون في
ذلك (?).
(فَأَتَى) الراقي (النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ)؛ أي: ذَكَر للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما جرى له
من الرقية، وأمْر القطيع، (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا رَقَيْتُ) بفتح القاف، من
باب ضرب، (إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)؛ أي: بقراءتها، وجَمْع بزاقي، والتفل عليه.
(فَتَبَسَّمَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تعجّبًا مما صنع، وافق الحقّ دون أن يسبق له علم بذلك (وَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
("وَمَا أَدْرَاكَ)؛ أي: أيّ شي جعلك تعلم؟ (أَنَّهَا)؛ أي: الفاتحة (رُقْيَةٌ؟ )؛ أي:
شفاء، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه التصريح بأنها رقية، فيستحب أن يقرأ بها على