منهما بضده، والدفع قد يقع من خارج البدن، وقد يقع من داخله، وهو
أعسرهما، والطريق إلى معرفته بتحقق السبب، والعلامة، فالطبيب الحاذق هو
الذي يسعى في تفريق ما يضرّ بالبدن جَمْعه، أو عكسه، وفي تنقيص ما يضرّ
بالبدن زيادته، أو عكسه، ومدار ذلك على ثلاثة أشياء: حفظ الصحة،
والاحتماء عن المؤذي، واستفراغ المادة الفاسدة، وقد أُشيرَ إلى الثلاثة في
القرآن:
فالأول: من قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ} [البقرة: 184] وذلك أن السفر مظنة النصَب، وهو من مغيّرات الصحة، فإذا
وقع فيه الصيام ازداد، فأبيح الفطر إبقاء على الجسد، وكذا القول في المرض.
الثاني: وهو الحمية من قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]
فإنه استُنبط منه جواز التيمم عند خوف استعمال الماء البارد.
والثالث: من قوله تعالى: {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] ,
فإنه أُشيرَ بذلك إلى جواز حلق الرأس الذي مُنع منه المُحْرم؛ لاستفراغ الأذى
الحاصل من البخار المحتقن في الرأس. وأخرَج مالك في "الموطأ"عن زيد بن
أسلم مرسلًا: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلين: "أيكما أطبّ؟ " قالا: يا رسول الله:
وفي الطب خير؟ قال: "أنزل الداء الذي أنزل الدواء". انتهى (?).
وأما "المرضَى": فهو بالفتح، والقصر: جمع مريض، قال المجد رحمه اللهُ:
المرض: إظلام الطبيعة، واضطرابها بعد صفائها، واعتدالها، مَرِضَ؛ كفَرِحَ
مَرَضاً، ومَرْضًا، فهو مَرِضٌ، ومَرِيضٌ، ومارضٌ، جَمْعه: مِراضٌ، ومَرْضَى،
ومَرَاضَى، أو المرض بالفتح للقلب خاصّةً، وبالتحريك، أو كلاهما: الشكّ،
والنفاق، والفتور، والظُّلمة، والنقصان. وأمرضه: جعله مريضًا، وقارب
الإصابة في رأيه، وصار ذا مَرَض، ووجده مريضًا. والتمريض: التوهين،
وحُسْن القيام على المريض، وتذرية الطعام، وريح، وشمس، وأرض مريضة:
ضعيفة الحال. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ رحمه اللهُ: مَرِضَ الحيوانُ مَرَضاً، من باب تَعِبَ، والمَرَضُ: