قال النوويّ رحمه اللهُ: قولها في الفقير الذي استأذنها في أن يبيع في ظلّ

دارها، وذكرت الحيلة في استرضاء الزبير هذا فيه حُسْن الملاطفة في تحصيل

المصالح، ومداراة أخلاق الناس في تتميم ذلك، والله أعلم. انتهى (?).

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: وتوقّف أسماء - رضي الله عنها - في الإذن للفقير إلى أن يأذن الزبير،

إنما كان مخافة غيرة الزبير، أو يكون في ذلك شيء يتأذى به الزبير، وحسنُ أدب،

وكَرَمُ خُلُق حتى لا تتصرَّف في شيء من مالها إلا بإذن زوجها، وأمْرها للفقير بأن

يسألها ذلك بحضرة الزبير لتستخرج بذلك ما عند الزبير من كرم الخلق، والرغبة

في فعل الخير، وليشاركها في الأجر، وذلك كلُّه منها حسنُ سياسة، وجميلُ

ملاطفة، تدلُّ على انشراح الصدور، وصدق الرغبة في الخير. انتهى (?).

(فَكَانَ يَبِيعُ إِلَى أَنْ كسَبَ) بفتح السين المهملة، من باب ضرب؛ أي:

ربح مالًا، قال الفيّوميّ: كَسَبْتُ مالًا كَسْباً، من باب ضَرَبَ: ربحته، واكْتَسَبْتُهُ

كذلك، وكَسَبَ لأهله، واكْتَسَبَ: طلب المعيشة، وكَسَبَ الاثمَ، واكْتَسَبَهُ:

تحمله، ويتعدى بنفسه إلى مفعول ثالث، فيقال: كَسَبْتُ زيدًا مالًا، وعلماً؛ أي:

أنلته، قال ثعلب: وكلهم يقول: كَسَبَكَ فلان خيرًا، إلا ابن الأعرابيّ، فإنه

يقول: أَكْسَبَكَ - بالألِف. انتهى (?).

(فَبِعْتهُ الْجَارِيَةَ)؛ أي: بعت تلك الجارية التي أعطاني النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من

النبي من ذلك الرجل، و"باع" يتعدّى بنفسه إلى مفعولين، قال الفيّوميّ رحمه اللهُ:

بَاعَهُ يَبِيعُهُ بَيْعاً، ومَبِيعاً، فهو بَائِعٌ، وبَيْعٌ، وأَبَاعَة بالألف لغة، قاله ابن القطاع،

والبَيْعُ من الأضداد، مثل الشراء، ويُطلق على كلّ واحد من المتعاقدين أنه

بَائِعٌ، ولكن إذا أطلق البَائِعُ فالمتبادر إلى الذهن باذل السلعة، ويطلق البَيْعُ على

المبيع، فيقال: بَيْعٌ جَيِّدٌ، وُيجمع على بُيُوعٍ، وبِعْتُ زيداً الدارَ يتعدى إلى

مفعولين، وكَثُر الاقتصار على الثاني؛ لأنه المقصود بالإسناد، ولهذا تتمّ به

الفائدة، نحو: بعتُ الدارَ، ويجوز الاقتصار على الأول، عند عدم اللَّبْس،

نحو بعتُ الأميرَ؛ لأن الأمير لا يكون مملوكًا يباع، وقد تدخل "مِنْ" على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015