عليها لو ركبت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَه - صلى الله عليه وسلم - ليس ممن يُغَار على الحريم لأجله، والله
تعالى أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "على أن الزبير لم يكلّفها ... إلخ" هذا
لا يدلّ عليه قوله، فمن أين له أنه لم يكلّفها؛ وقد كلّفها الشرع بذلك، حيث
قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] وسيأتي تحقيق القول في
هذا في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.
(قَالَتْ) أسماء - رضي الله عنها - (حَتَّى أرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِم)؛
أي: جارية تخدمني، وإنما ذكّرت الخادم؛ لأنه يُطلق على الذكر والأنثى، قًال
الفيّوميُّ رحمه اللهُ: خَدَمَهُ يَخْدِمُهُ ويَخْدُمُهُ -من بابي ضرب، وقَتَلَ- خِدْمَة، فهو خادم
غلامًا كان، أو جاريةً، والخَادِمَةُ بالهاء في المؤنث قليل، والجمع: خَدَمٌ،
وخُدَّامٌ، وقولهم: فُلانَةٌ خَادِمَةٌ غَدا ليس بوصف حقيقيّ، والمعنى ستصير كذلك،
كما يقال: حائضة غدًا، وأَخْدَمْتُهَا بالألف: أعطيتها خادمًا، وخَدَّمْتُهَا بالتثقيل
للمبالغة والتكثير، واسْتَخْدَمْتُهُ: سألته أن يَخْدمني، أو جعلته كذلك. انتهى (?).
(فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ)؛ أي: القيام بعلفه، وما يحتاج إليه، (فَكَأنمَا
أَعْتَقَتْنِي)؛ أي: حرّرتني من رقّ سياسة الفرس، ووقع في بعض النسخ بلفظ:
"أعتقني" بالتذكير، نظرًا للفظ الخادم، وَيحتمل أن يكون الضمير لأبي
بكر - رضي الله عنه -، قال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "أعتقتني" رُوي بتاء بعد القاف، ويكون
فيه ضمير يعود على الخادمة، وبغير تاء، وضميره يعود إلى أبي بكر - رضي الله عنه -،
وصحَ ذلك؛ لأنها لما استراحت من خدمة الفرس، والقيام عليه بسبب الجارية
التي بعث بها إليها أبو بكر - رضي الله عنه - صحَّ أن يُنسب العتق لكل واحد منهما.
قال: وفيه دليلٌ على مكارم أخلاق القوم، فإنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - عَلِم ما
كانت عليه ابنته من الضرر، والمشقة، ولم يطالب صِهْره بشيء من ذلك، وكان
مترقبًا لإزالة ذلك، فلمّا تمكَّن منه أزاله مِن عنده. انتهى (?).