وقال القرطبيّ رحمه الله: إن كان هذا المُعْرِض منافقًا فإعراض الله تعالى عنه

تعذيبه في نار جهنم، وتخليده فيها في الدرك الأسفل منها، وإن كان مسلمًا،

وإنما انصرف عن الحلقة لعارض عَرَض له فآثره، فإعراض الله تعالى عنه مَنْعُ

ثوابه عنه، وحرمانه مجالسة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والاستفادة منه، والخير الذي حصل

لصاحبيه. انتهى (?).

وقال الإمام ابن عبد البرّ رحمه الله: قوله في الثالث: "فأعرض، فأعرض الله

عنه" فإنه -والله أعلم- أراد: أعرض عن عمل البرّ، فأعرض الله عنه بالثواب،

وقد يَحْتَمِل أن يكون المعرِض عن ذلك المجلس مَن في قلبه نفاق، ومرضٌ؛

لأنه لا يُعرِض في الأغلب عن مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مَن هذه حاله، بل قد

بان لنا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فأعرض، فأعرض الله عنه" أنه منهم؛ لأنه لو

أعرض لحاجة عَرَضت له ما كان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك القول فيه، ومن كانت

هذه حاله كان إعراض الله عنه سُخْطًا عليه. ونسأل الله تعالى المعافاة، والنجاة

من سخطه بمنّه، ورحمته. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي واقد الليثيّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [10/ 5669 و 5670] (2176)، و (البخاريّ) في

"العلم" (66) و"الصلاة" (474)، و (الترمذيّ) في "الاستئذان"، و (النسائيّ) في

" الكبرى" (3/ 453)، و (مالك) في "الموطّأ" (3/ 132)، و (أحمد) في "مسنده"

(5/ 219)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (86)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (3/

249)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (3/ 231)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"

(3334)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان استحباب الجلوس إلى العالم في المسجد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015