انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد ابن عبد البرّ رحمه الله في هذا البحث،

وأفاد، وخلاصته أن الحقّ هو ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -، وهو أن لا نبدأ الكفّار

بالسلام، وإن سلّموا علينا، رَدَدْنا عليهم بقولنا: وعليكم، ولا نزيد عليه، وأما

القول: علاك السلام، وكذا عليك السِّلام بالكسر فمخالفة للسنّة الصحيحة

الصريحه، فلا يُلتفت إليه، فإن النجاة كلَّ النجاة في اتباع السنّة، والهلاك في

تركها، قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21] وقال: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] وقال: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} الآية [النور: 54]

وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب: 36] اللهم أرنا

الحقّ حقًّا، وارزقنا أتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وأرزقنا اجتنابه، آمين.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في السلام على من اقترف ذنبًا:

قال الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه": "باب من لم يُسَلِّم على من

اقتَرَفَ ذنبًا، ومن لم يُرَدّ سلامه حتى تتبيّن توبته، وإلى متى تتبيّن توبة

العاصي؟ ".

قال في "الفتح": أما الحُكم الأول فأشار إلى الخلاف فيه، وقد ذهب

الجمهور إلى أنه لا يُسَلَّم على الفاسق، ولا المبتاع، قال النوويّ: فإن اضطَرَّ

إلى السلام، بأن خاف ترتب مفسدة في دين، أو دنيا إن لم يسلِّم سَلَّمَ، وكذا

قال ابن العربيّ، وزاد: وينوي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، فكأنه

قال: الله رقيبٌ عليكم.

وقال المهلَّب: تركُ السلام على أهل المعاصي سُنَة ماضية، وبه قال كثير

من أهل العلم في أهل البدع، وخالف في ذلك جماعة.

وقال ابن وهب: يجوز ابتداء السلام على كل أحد، ولو كان كافرًا،

واحتَجَّ بقوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015