وهي اسمٌ سُمِّي به الفعل، ومعناه: اكْفُفْ؛ لأنّه زجر، فإن وَصَلتَ نَوَّنتَ،
فقلتَ: مَهٍ مَهْ، ويقال: مَهْمَهْتُ به: أي: زجرته. انتهى، وقال بعض النحويين:
أما قولهم: مَهْ إذا نَوَّنتَ فكانك قلت: ازدجارًا، وإذا لم تنوّن فكأنك قلت:
الازدجار، فصار التنوين عَلَمَ التنكير، وتَرْكَه عَلمَ التعريف. انتهى (?).
وقال ابن الأثير رحمه الله: مَهْ اسم مبنيّ على السكون، بمعنى اسكت، قال:
وفي حديث طلاق ابن عمر: "قلت: فيه"؛ أي: فماذا للاستفهام، فابدلت
الألف هاءً للوقف والسكت. انتهى (?).
وقوله: (فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ، وَالتَفَحُّشَ) قال النوويّ رحمه الله: أما
الفُحْش فهو القبيح من القول والفعل، وقيل: الفحش مجاوزة الحدّ، قال: وفي
هذا الحديث استحباب تغافل أهل الفضل عن سَفَه المبطلين إذا لم تترتب عليه
مفسدة، قال الشافعيّ رحمه الله: الكيِّس العاقل هو الفَطِنُ المتغافل. انتهى (?).
وقال القاضي عياض رحمه الله: قال ابن عوفة: الفاحش ذو الفحش في
كلامه، والمتَفَحِّش الذي يتكلَّف ذلك، ويتعمَّده، وقال الطبريّ: الفاحش
البذيّ، قيل: ويكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة المنهيّ عنها، وقوله
لعائشة - رضي الله عنها - حين رَدّت على اليهود: "عليكم السام واللعنة": "لا تكوني
فاحشة"، و"إن الله لا يحب الفُحش، ولا التفحش"، هو مما تقدم في القول،
ألا تراه في الرواية الأخرى: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله"؛ وقيل: هو
هنا عدوان الجواب؛ لأنه لم يكن منها إليهم فُحْش، قاله الهرويّ.
قال القاضي: لا أدري ما قال؟ وأيُّ شيء أفحش من اللعنة، وما قالته
لهم مما يستحقونه، وقوله: "من أجل ذلك حَرَّم الفواحش" قال ابن عرفة: كلُّ
ما نهى الله عنه فهو فاحشة، وقيل: الفاحشة ما يشتدّ قبحه من الذنوب،
والفحش زيادة الشيء على ما عُهِد من مقداره. انتهى (?).