والثاني: أن الواو للاستئناف، لا للعطف والتشريك، والتقدير: وعليكم
ما تستحقونه من الذّمّ.
وقال البيضاويّ: في العطف شيء مقدَّر، والتقدير: وأقول: عليكم ما
تريدون بنا، أو ما تستحقون، وليس هو عطفًا على "عليكم" في كلامهم.
وقال القرطبيّ: قيل: الواو للاستئناف، وقيل: زائدة، وأَولى الأجوبة:
أنّا نجاب عليهم، ولا يجابون علينا.
وحَكَى ابن دقيق العيد عن ابن رشد تفصيلًا يجمع الروايتين: إثبات
الواو، وحذفها، فقال: من تُحُقق أنه قال: السام، أو السِّلام، بكسر السين،
فَلْيُرَدّ عليه بحذف الواو، ومن لم يُتَحَقَّق منه فليردّ بإثبات الواو، فيجتمع من
مجموع كلام العلماء في ذلك ستة أقوال.
وقال النوويّ تبعًا لعياض: من فَسَّر السام بالموت فلا يُبْعِد ثبوت الواو،
ومن غيرها بالسآمة فإسقاطها هو الوجه.
قال الحافظ: بل الرواية به. ثبات الواو ثابتة، وهي تُرَجِّح التفسير بالموت،
وهو أَولى من تغليط الثقة. انتهى ما كتبه الحافظ رحمه الله (?).
قال الجامع عفا الله عنه: لقد أجاد الحافظ رحمه الله في هذا البحث الطويل،
وأفاد، ثم إن تفسير السام بالموت هنا هو المتعيّن؛ لأنه تفسير مأثور، قال
الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله: والسام: الموت في هذا الموضع، وهو معروف في
لسان العرب، ثم أخرج بسنده عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة
الأسلميّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها
شفاءً من كل داء إلا السام، والسام: الموت" (?)، والحبة السوداء: الشونيز.
انتهى (?)، والحديث أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والله تعالى
أعلم.