الجيران، وقضاء حوائجهم، وتفقد أمورهم، إلى غير ذلك، قعد على قدر
حاجتهم، فإنْ عرض له شيء من تلك الحقوق وجب القيام به عليه.
و"كف الأذى"؛ يعني به: أن لا يؤذي بجلوسه أحدًا من جلسائه بإقامته
من مجلسه، ولا بالقعود فوقه، ولا بالتضييق عليه، ولا يجلس قبالة دار جاره،
فيتأذى بذلك، وقد يكون كفُّ الأذى بأن يكف بعضهم عن بعض، إلا أن هذا
يدخل في قسم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فحَمْله على المعنى الأول
أَولى. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله، وهو بحث جيّد، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي طلحة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [2/ 5635] (2161)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (6/
418)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 30)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (5/ 326)،
و(الطبرانيّ) في "الكبير" (5/ 102)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (3/ 13)،
و(الرويانيّ) في "مسنده" (2/ 161)، و (البيهقيّ) في "شُعب الإيمان" (6/ 509).
وأما فوائد الحديث فقد تقدّمت في شرح حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -
برقم [31/ 5551] (2121) فراجعها تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[5636] (2121) (?) - (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ (?) "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ
مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَبَيْتُمْ (?) إِلَّا الْمَجْلِسَ، فَأَعْطُوا
الطَّرِيقَ حَقَّهُ"، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ،
وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ").