[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سباعيّات المصنّف رحمه الله، وفيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن
بعض، وفيه رواية الراوي عن أبيه، عن جدّه.
شرح الحديث:
(عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عبد الله بن أبي طلحة،
أنه (قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ) زيد بن سهل - رضي الله عنه -، (كُنَّا قُعُودًا) بالضمّ جمع قاعد،
كراكع ورُكوع، وساجد وسجود، (بِالأَفْنِيَةِ) جمع فِنَاء، قال النوويّ رحمه الله: بكسر
الفاء، والمدّ، وهو حريم الدار، ونحوها، وما كان في جوانبها، وقريبًا منها.
انتهى (?)، وقال الفيّومي رحمه الله: "الفناء" بالكسر، مثلُ كِتَاب: الْوَصِيدُ، وهو سعةٌ
أَمامَ البيتِ، وقيل: ما امتدّ من جوانبه. انتهى (?). (نَتَحَدَّثُ) جملة حاليّة من
اسم "كان"، (فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ لم -، فَقَامَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ
الصُّعُدَاتِ؟ ) بضم الصاد، والعين المهملتين، وهي الطرقات، واحدها صَعِيد،
كطَرِيق، يقال: سعيد، وصُعُدٌ، وصِعْدان، كطَرِيق، وطُرُق، وطُرُقات، على
وزنه ومعناه، وقد صَرَّح به في الرواية الثانية، قاله النوويّ رحمه الله (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: الصُّعدات: جمع سعيد، وهو الطريق مطلقًا،
وقيل: الطريق الذي لا نبات فيه؛ مأخوذ من الصعيد، وهو: التراب على قول
الفرَّاء، أو وجه الأرض على قول ثعلب، ويُجمع: صُعُدًا، وصعدات، كطُرُق
وطرقات، وقد جاء الصعيد في الرواية الأخرى مفسَّرًا بالطريق. انتهى (?).
(اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ)؛ أي: ابتعدوا عن الجلوس فيها، (فَقُلْنَا:
إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَأْسٍ) "ما" زائدة؛ أي: لغير بأس؛ أي: شدّة.
قال في "التاج": البَأْس: العَذابُ الشديد؛ كالبَئِس، كَكَتِف، وعن ابْن
الأَعْرابِيّ: البَأْس: الشِّدَّةُ في الحرب، ومنه الحديث: "كُنّا إذا اشتدَّ البَأْسُ
اتَّقَيْنا برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - " يريدُ الخَوف، ولا يكونُ إلَّا مع الشِّدَّة، وقال ابنُ سِيدَه: