واتفق أصحابنا على أنه لو ردّ غيرهم، لم يسقط الرد، بل يجب عليهم
أن يردّوا، فإن اقتصروا على ردّ ذلك الأجنبي أثموا.
وفي "سنن أبي داود" عن علي - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجزئ عن
الجماعة إذا مَرّوا أن يسلّم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يردّ أحدهم" (?).
وفي "الموطأ" عن زيد بن أسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سلّم واحد
من القوم أجزأ عنهم"، وهذا مرسل صحيح الإسناد، قاله النوويّ رحمه الله (?).
[تنبيه]: من السنّة أن يكرّر السلام ثلاثًا إذا لم يُسمع، ففي "الصحيحين"
عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، حتى
تُفْهَم عنه، وإذا أتى على قوم، فسلّم عليهم سلَّم عليهم ثلاثًا"، قال
النوويّ رحمه الله: وهذا الحديث محمول على ما إذا كان الجمع كثيرًا. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ظاهر الحديث يدلّ على أستحباب
التكرار، إذا لم يُسمع، ولو كان المسلَّم عليه واحدًا، والله تعالى أعلم.
(المسألة السابعة): أقلّ السلام أن يقول: "السلام عليكم"، فإن كان
المسلَّم عليه واحدًا، فأقلّه: "السلام عليك"، والأفضل أن يقول: "السلام
عليكم"؛ ليتناوله ومَلَكيه، وأكمل منه أن يزيد: "ورحمة الله"، وأيضًا:
"وبركاته"، ولو قال: سلامٌ عليكم أجزأه.
واستدل العلماء لزيادة: "ورحمة الله، وبركاته" بقوله تعالى إخبارًا عن
سلام الملائكة بعد ذِكر السلام: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73]، وبقول المسلمين كلهم في التشهد: "السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله
وبركاته".
وقال في "الأذكار": (اعلم): أن الأفضل أن يقول المسلم: السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضمير الجمع، وإن كان المسلَّم عليه واحدًا،
ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويأتي بواو العطف في
قوله: "وعليكم".