تعارضا، ويكون الحكم حكم اثنين تلاقيا معًا، فأيهما بدأ فهو أفضل، ويَحْتَمِل
ترجيح جانب الماشي، كما تقدم. انتهى (?)، والله أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 5634] (2160)، و (البخاريّ) في
"الاستئذان" (1 623 و 6232 و 6233 و 6234) وفي "الأدب المفرد" (993
و995)، و (أبو داود) في "الأدب" (5198 و 5199)، و (الترمذيّ) في
"الاستئذان" (2703 و 2704)، و (النسائيّ) في "عمل اليوم والليلة" (1/ 181)،
و(عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (19445)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 304)،
و(ابن راهويه) في "مسنده" (1/ 418)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (11/ 107)،
و(البيهقيّ) في "الكبرى" (9/ 203) و"شُعب الإيمان" (6/ 451)، و (البغويّ) في
"شرح السُّنَّة" (3353)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): هذا الحديث فيه بيان آداب السلام، وترتيب من
يستحقّ أن يسلّم أوّلًا، قال القرطبيّ رحمه الله: ثمَّ إن الناس في الابتداء بالسَّلام إما
أن تتساوى أحوالهم، أو تتفاوت، فإن تساوت فخيرهم الذي يبدأ صاحبه
بالسلام؛ كالماشي على الماشي، والراكب على الراكب، غير أن الأَولى مبادرة
ذوي المراتب الدينية؛ كأهل العلم، والفضل احترامًا لهم، وتوقيرًا، وأما ذوو
المراتب الدنيوية المحضة، فإنْ سلَّموا رُدَّ عليهم، وإن ظهر عليهم إعجاب، أو
كِبْر فلا يُسلَّم عليهم؛ لأنَّ ذلك معونة لهم على المعصية، وإن لم يظهر ذلك
عليهم جاز أن يُبدؤوا بالسَّلام، وابتداؤهم هم بالسلام أَولى بهم؛ لأنَّ ذلك
يدلّ على تواضعهم، وإن تفاوتت فالحكم فيها على ما يقتضيه هذا الحديث،
فيبدأ الراكب بالسَّلام على الماشي؛ لعلوِّ مرتبته؛ ولأنَّ ذلك أبعد له من الزهو،
وأمَّا الماشي فقد قيل فيه مثل ذلك، وفيه بُعد؛ إذ الماشي لا يزهو بمشيه